أما الأضلولة الثالثة فترد في سياق التدليل على معرفة الخليل باليونانية , وأن الخليل بن أحمد تأثر حين ألف كتاب ( العين ) باليونانية , ويستند من يتداولون هذا الرأي على علاقة علمية جمعت الخليل بن أحمد بحنين بن إسحاق . وقد أشاع هذا الرأي أحمد أمين وتبعه إبراهيم بيومي , ومصطفى نظيف وغيرهم .
ويستند من يتداولون هذا الرأي على قول لابن أبي أصيبعة ( المتوفى سنة 668ه ) صاحب كتاب ( عيون الأنباء في طبقات الأطباء ) ففي خبر أورده ابن أبي أصيبعة عن سليمان بن حسان يقول عن حنين بن إسحاق إنه كان أعلم أهل زمانه باليونانية والسريانية والفارسية وإنه " نهض من بغداد إلى أرض فارس , وكان الخليل بن أحمد النحوي بأرض فارس ، فلزمه حنين حتى برع في لسان العرب ، وأدخل كتاب العين بغداد ."
وهو خبر ينقله ابن أبي أصيبعة عن ابن جلجل ( المتوفى سنة 384ه ) في كتابه ( طبقات الأطباء والحكماء ) إذ يقول عن حنين بن إسحاق إنه كان :" عالمـــًا بلسان العرب فصيحًا باللسان اليوناني جدًا بارعًا في اللسانين بلاغة بلغ بها تمييز علل اللسانين ونهض من بغداد إلى فارس , وكان الخليل بن أحمد النحوي رحمه الله بأرض فارس فلزمه حنين حتى برع في لسان العرب وأدخل كتاب العين بغداد , ثم اختير للترجمة واؤتمن عليها ."
وهذا خطأ تنامى الوهم فيه وفي ما بني عليه من استنتاجات ؛ لأن الخليل بن أحمد توفي سنة 170 أو 175 ه أما حنين بن إسحاق فقد ولد بعد وفاة الخليل !!
وقد تتبع الدكتور مهدي المخزومي في كتابه ( عبقري من البصرة ) الذي صدر سنة 1392ه / 1972م هذا الخطأ , ووضح بداياته وتناقل المحدثين من الأكاديميين لهذه الأضلولة , ومع أن كتاب المخزومي صادر في أوائل الثمانينات إلا أن هذا الوهم ما زال موجودًا وترى آثاره في عدد من الدراسات والمقالات .