الصفحة الرئيسية
 /  
حدائق فاطمة المعلقة
 /  
رجوع

حدائق فاطمة المعلقة


        مع العدد رقم ( 371 ) لذي الحجة 1428 من المجلة العربية كانت مفاجأة جميلة بانتظاري : كتيب      رقم ( 132) المرفق مع المجلة ويتضمن دراسة للدكتورة فاطمة إلياس بعنوان  ( من سجن الأسطورة إلى رحم التاريخ : رحلة البحث عن الذات في الشعر النسوي الإيرلندي ) . وأقول كانت مفاجأة جميلة لا لأن الاسم غير معروف  فهي معروفة لحضورها الثقافي الفاعل بوصفها أكاديمية وبوصفها مسؤولة في لجنة نادي جدة الأدبي  , بل لأني لم أتوقع من المجلة أن تصدر كتيبات بهذا المستوى ؛ فالمعتاد في مثل هذا النوع من الإصدارات أن تتسم بطابع الخفة والسهولة , وأحيانًا كثيرة التبسيط الذي يلائم شريحة معينة من القراء . وحيث إني أتحاشى عادة فيما أقرأ ما يمكن أن يتسم بذلك  فإن ما أفعله في هذه الحالة هو نوع من التصفح الحذر الذي يحميني من صدمات الهشاشة والاجتراء على المعرفة بأدوات ضعيفة أو أحكام جاهزة أو معممة أو غير علمية مقنعة .

 

         والحق أنه كانت مفاجأتي بهذا الكتيب ذات شقين : أولاً  أن أجد في هذه النوعية من الكتيبات مستوى علميًا جادًا وجذابًا . وثانيًا : وهو ما أعده مأثرة للمجلة والقائمين عليها أنهم انتزعوا من الدكتورة فاطمة موافقة على المشاركة بنشر جزء من اشتغالاتها البحثية , وقدموها للقراء عبر هذا الكتيب كهدية معرفية قيمة .

 

            إن الدكتورة فاطمة إلياس الحاصلة على الدكتوراه في نقد الشعر النسوي من أمريكا والتي لها عدد من الدراسات في حقل تخصصها نشر معظمها باللغة الإنجليزية _ أشبه ما تكون بمن تملك حدائق معلقة هناك في البعيد , وهاهي ذي إحدى حدائقها تشرعها لنا في هذا الكتيب الجميل معرفيًا .

 

      وقد قادني هذا البحث أيضًا لحديقة أخرى لها أشرعتها في عدد رقم (33) من مجلة  (نوافذ)  حيث ترجمت دراسة مهمة بعنوان ( لغة الجسد : أيقونة الجسد في الشعر النسائي ) لأليشا أوسترايكر , وكلا الدراستين تصبان في حقل الاهتمام بالنسوية وتمثيلاتها أدبًا ونقدًا , وهو من الحقول المهمة والمتخصصات والمتخصصين فيه في عالمنا العربي ثلة نادرة .

 

        والدكتورة فاطمة لها أيضًا مساهمات بحثية أخرى نشرت في مجلة ( علامات ) مثل : ( الأم شحاتة : قراءة نسوية لمعاني الأمومة عند حمزة شحاتة ) , ومثل : ( شهريار حيًا.. شهريار ميتًا : الولاء في الخطاب الأنثوي عند أمل شطا ) , ومثل : ( الأسطورة والجنوسة في أعمال رجاء عالم ) , ومثل :  (الأبوية في روايتي جاهلية ووجهة البوصلة ) , بالإضافة إلى عدد آخر من البحوث المنشورة باللغة الإنجليزية . وما أتمناه هو أن تفتح الدكتورة فاطمة إلياس حدائقها المعلقة بعيدًا عن متناول أيدينا كباحثات وباحثين أكاديميين وكمهتمات ومهتمين بالشأن الثقافي , وتشرعها لنا قريبة ميسورة بأن تترجم بحوثها , وتيسر وجودها بين يدي القارىء في شكل كتاب يجمع هذه الجهود العلمية . لا سيما أن تلك البحوث المتخصصة في النسوية ومساهماتها فيها تقع في حقل معرفي مهم المتخصصات الجيدات فيه نادرات وبعضهن , مثل الدكتورة فاطمة , نائيات , في الوقت الذي  تلمّع بعض المحسوبات عليه  أنفسهن إعلاميًا وفي المؤتمرات على الرغم من ضعف الأدوات وتسطح المعرفة التي يعرضنها القائمة على القص واللصق والزيف والتدليس والاجتزاء والاجتراء المعرفي .

           

        وحيث إنني لا اعرف الدكتورة فاطمة معرفة شخصية تكفل لي دالة الإلحاح عليها بما ذكرته آنفًا فإني أوجه هذا المقال لها كتحية تقدير آملة أن تجد فيما تقدم ما يشجعها على المضي في صعوبات  الترجمة والتصدي لمعوقات البحث و التأليف والنشر .