الصفحة الرئيسية
 /  
ذاكرة الطلل وكسر النمط
 /  
رجوع

ذاكرة الطلل وكسر النمط


        تعالج هذه الدراسة نص قصيدة الدكتور عبد الرحمن السماعيل المعنونة ( حديث الأماكن القديمة ) ونص قصيدة الأستاذ أحمد الصالح ( مسافر ) المعنونة ( أجمل الحب ) بقصد استجلاء طبيعة الحوار  بين النصين وكيفية حضور الطلل وصوره فيهما , وكيفية بناءهما ؛ وذلك بهدف الكشف عن المسافة بين النصين والطللين


ذاكرة الطلل وكسر النمط :

 قراءة في قصيدة ( حديث الأماكن القديمة ) للسماعيل ومعارضة الصالح لها

بحث بعنوان ( ذاكرة الطلل وكسر النمط : قراءة في قصيدة " حديث الأماكن القديمة " للسماعيل ومعارضة الصالح لها ) نشر في مجلة  الدارة العدد الأول – السنة الخامسة والثلاثون 1430 هـ .

 

«وكانوا قديمًا أصحاب خيام ينتقلون من موضع إلى آخر, فلذلك أول ما تبدأ أشعارهم بذكر الديار فتلك ديارهم وليست كأبنية الحاضرة , فلا معنى لذكر الحضري الديار إلا مجازًا , لأن الحاضرة لا تنسفها الرياح ولا يمحوها المطر إلا أن يكون ذلك بعد زمان طويل لا يمكن أن يعيشه أحد من أهل الجيل...»([i])

 

        للطلل في الشعر العربي موضع صدارة في كثير من القصائد التي نظمها أصحابها تحت وطأة الذكرى أو اتباعًا لسنة شعرية . والذكرى تأتي بداعي المرور والاجتياز بالأماكن التي هُجرت ودرست ، أو تأتي مجازًا باجتياز تلك الذكرى في وجدان الشاعر وذاكرته . ونص ابن رشيق أعلاه يربط الطلل أولاً بفكرة الترحل والانتقال الجبرية التي فرضتها طبيعة حياة الصحراء والتنقل طلبًا للماء والكلأ ، ويربط ثانيًا بينها وبين ذكرها مجازًا لا اجتيازًا ، كما يشير ضمنيًا إلى فكرة التقليد والاجتياز الفني بتقليد شعري .

          إن فكرة الاجتياز هذه فكرة مهمة قلما توقف عندها الدارسون قديمًا وحديثًا ، ومعظم من تناولوا الطلل تحدثوا عن الوقوف ، على حين أن أصل التفجع في هذا الشعر قائم على فكرة الاجتياز بتلك الديار التي تماهت بأهلها فصار المكان ملتبسًا بأهله ، وبالحبيبة خاصـة .

          وإشارة ابن رشيق ( ت 456) أعلاه من الإشارات النادرة التي ربما استوحاها من ملاحظة بارعة للآمدي ( ت 370 ) في الموازنة في باب الابتداءات بذكر الوقوف على الديار حول معنى الوقوف والاجتياز ، فقد أورد بيت أبي تمام :

      أتنزل اليوم بالأطلال أم تقف          لا ، بل قف العيس حتى يمضي السلف

          وعلق عليه بقوله : " إنما قال ذلك لأن الوقوف على الديار إنما هو وقوف المطي ، ولا يكادون يذكرون نزولاً " ([ii]) ثم مضى يشرح ذلك : " العرب لا تقصد الديار للوقوف عليها ، وإنما تجتاز بها ، فإن كانت واقعة على سنن الطريق قال الذي له أربٌ في الوقوف لصاحبه أو أصحابه :  قف ، وقفا ، وقفوا ، وإن لم تكن على سنن الطريق قال : عوجا ، وعرّجا ، وعوجوا وعرجّوا كما قال امرؤ القيس :

عوجا على الطلل المحيل لعلنا         نبكي الديار كما بكى ابن حذام " ([iii])

      هذا التقليد البكائي في الشعر العربي خلده الشاعر العربي ، ومن خلاله برزت تيمة([iv]) الأطلال , وسارع النقاد قديمًا يبحثون عن أول من وقف واستوقف ، واجتهدوا ، وتضاربت الأقوال .([v]) ولكن ما تواتر عن القدماء ([vi]) وما أكده الشراح والدارسون المحدثون ([vii]) أن الطلل مكان غادره الأحباب ، مكان هُجر , وتقادم العهد به فدرس ، ولذلك ارتبط الطلل بالأحبة وبالمرأة المعشوقة خاصة وبالمشاعر المتهيجة الناجمة عن  اللوعة والفقد والحنين .

          وأرى أنهم أسرفوا في الفكرة المكانية في الطلل ؛ فطلل الشاعر فيه ، إنه الذاكرة الموشومة التي تتحرك معه . الشاعر فضاؤه فيه ، وطلله مسرح لقصيدته التي يخط فيها لوحة الطللين : الطلل الخارجي الماثل والطلل الداخلي القار في وجدانه . ولعل الشاعر القديم الذي شبه آثار الطلل بآثار الوشم في ظاهر اليد لم يكن بعيدًا عن فكرة الطلل كأثر أو ندبة في الذاكرة والروح . فالطلل هو النص والأثر الإبداعي و هو ما تشخصه الروح على تضاريس القول واللغة .

          وهذه الدراسة موضوعها نص قصيدة الدكتور عبد الرحمن السماعيل المعنونة ( حديث الأماكن القديمة ) ونص القصيدة التي عارضه بها أحمد الصالح (مسافر) المعنونة ( أجمل الحب) . والقصد الوقوف هنا هو الوقوف عند طبيعة الحور بين النصين , وطبيعة حضور الطلل وصوره , وكيفية بناء النصيين وذلك بهدف الكشف عن المسافة بين النصين والطللين .

الطلل والزمن :

          إننا ونحن نتأمل الطلل بوصفه رمزًا مكانيًا مغرقًا في ماديته نراه وهو يتحول في الشعر إلى رمز زمني ، ولعل مسحة القِدَمْ وارتباطه بالعمر الذي مضى يحوله تدريجيًا في اللاوعي إلى ما يشبه المزار الداخلي المزار الإجباري الذي هو الذكرى .

           والملاحظ أنه حينما ترد تيمة الطلل أو الأماكن القديمة فإنها تأتي بصحبة الذكرى والتذكر , أو بعبارة أدق ، تأتي بمعية دفع تهمة النسيان لتأكيد بقاء الديار في الوجدان . وذلك يشير إلى عمق تأثير المكان وإلى محاولة الشاعر تقديم أدلة هذا التأثير العميق , وأدلة وفائه لهذه الأماكن وللذكريات التي عاشها فيها .

          إذًا نحن في مواجهة ثنائيتين : الأولى البناء المتماسك يقابله الطلل المتهدم . والثانية : البناء المتماسك الذي هو الوفاء والتذكر مقابل الطلل المعنوي المتهدم وهو النسيان أو الذاكرة التي تنسى وتخور وتضعف .  

          من هنا ، من هاتين الثنائيتين : البناء / الطلل , و الذاكرة / النسيان  فإننا حينما نتأمل الطلل المتهدم , وما يصاحبه من اضمحلال وتغير _ نلمح ارتباطه بفكرة التحول التي تمثل الوجه الآخر للذاكرة التي تخون فتصبح نسيانًا . النسيان اضمحلال وتحول وتغير نحو النقيض ؛ نقيض التذكر . إن الذاكرة مستودعنا أو الخزانة الداخلية التي نحتفظ فيها بكل ما يعنينا ويهمنا , وبكل ما هو عزيز وثمين . فما يعتري الذاكرة من نسيان وتغير خيانة ، وهي خيانة من قبلنا بالضرورة ، وهي تمثل وجهًا من وجوه الذات . ولذلك إذا كنا نتأمل الطلل بهذه النغمة الحدادية فذلك يعني أننا ندافع عن الانحلال والنسيان .

إن الشاعر في حديثه وتمسحه بالطلل يدافع عن ذاته التي تتهدم ، ويتحاور معها ، ويتأملها ، ولكنه في الغالب تأمل حزن وألم ، وليس حديث محبة وتسامح . إن الصلابة التي نتعامل بها مع فكرة الذي يجب ألا يتغير (البناء المتماسك)  فكرة تقليدية حتى في التعامل مع الذات ، ولذلك يمسى الطلل والنسيان وما يجري بينهما من تصادٍ مجرد حديث يغطي الأزمة الحقيقية ، وهي مواجهة الذات لذاتها في مسألة الزمن أو العمر الذي ينحل وينصرم !!  وكلما كانت فكرة العمر الذي ينقضي مع التغير الضروري فكرة متصالحـًا معها كان التعامل مع الطلل أكثر تعاطفًا وتقبلا وليونة ! وكلما كانت فكرة العمر الذي ينقضي فكرة مخيفة أو مرفوضة يظهر الإنكار والرفض في التعامل مع الطلل ، وتظهر الإشاحة عن رؤية ما اعتراه من تغير . إن الإشاحة عن رؤية الطلل إشاحة عن رؤية الذات في المرآة القاتمة القصية التي تبادر بسرعة لصفِّ التماثلات والتوازيات . فالمواجهة الصادمة تستلزم الإنكار السريع والقسوة .

الطلل / البناء النصي وأزمة الصور:

        ولعل أبرز ما يمكن أن نلاحظه في قصائد الطلل أنها لا تتحدث عن الطلل ، ولكن تتحدث عن الأثر الذي له ؛ أي أنها لا تتحدث عن الصور والذكريات والأحداث التي انطبعت في الذاكرة , وإنما عما بقي منها , أي عن أثر الانطباع الباقيّ !!  فالحديث عن الطلل محاولة لاستعادة صور وأحداث , وليست استعادة فعلية .

          وأود في هذا السياق أن أشير إلى أن عددًا من دارسي علم النفس حاولوا استكشاف العمليات العقلية التي تتم في الدماغ وقنوات الإدراك للكشف عن طريقة عمل الذاكرة واعتلالاتها . وقد حاولوا استخدام النتائج والفرضيات التي خرجوا بها لدراسة مشكلات فقدان القدرة على الكلام ، حتى إنه يمكن النظر إلى أن فقدان الذاكرة كمرض يمكن أن يوازي عصبيًا ومرضيًا فقدان القدرة على الكلام على اعتبار " أن الاضطرابات الناجمة عن العجز عن التعرف إلى الأشياء والرموز _ فقد الصور _ هي من المستوى ذاته على اعتبار أنهم يتصورون أن فقدان القدرة المحركة على الكلام وحالات فقدان القدرة على الكلام الخاصة بمركز الحواس في الدماغ هي من النوع نفسه . واقترحوا ، من جهة أخرى ، فكرة مفادها أن الذاكرة ، كالعادات الحركية ، تشق لنفسها في الأعصاب طريقًا ، وتحدث تغييرًا في العوامل العـضويــة ."([viii])

          فإذا كانت الذاكرة في حالة استرجاع أحداث الأماكن القديمة تعتمد على تذكر صور ومواقف فإن العامل الحاسم هنا في الذكرى هو استرجاع الصور . والشاعر في عمل القصيدة ( القدرة على الكـلام ) يعتمد على المخيلة وخزانة الصور ، وهو محاصر بالماضي ؛ أي بتاريخ الصور . إن بصْمَته تكمن في أن يجد له خيطًا أو سلسلة صور جديدة غضة وغير مهترئة . ومن هنا يمكن أن نلمح التشابك بين البناء الطللي والبناء النصي للقصيدة التي تبذل جهدها لتتجاوز أزمة الصور والتصوير ، أزمة الأثر والانطباع أو الخلق من جديد مع مادة التشكيل ، التي هي زمنيًا قديمة ومتهالكة !!

موضوع الذكرى وأثر باعثها على نوعية الصور:

          حسب مقولة هوسرل   Husserlيتم التساؤل في الذكرى عن موضوع الذاكرة وليس باعثها الذاتي . ([ix])  وكون الإنسان يملك ذاكرة فذلك يعني  _ حسب ريكور Ricoeur  _ أنه يملك هوية تتغير مع الزمن يسميها الهوية السردية ، أي هوية قائمة في التغيير([x]).

          ولو اعتمدت _ كمدخل للحديث هنا عن ذكريات النصين : نص قصيدة السماعيل ونص قصيدة الصالح _ على رأي هوسرل حول الذكرى الذي يقول فيه إن المهم فيها هو التساؤل عن موضوعها وليس باعثها الذاتي ، وهو ما سيمثل فارقًا في طبيعة الاستيهام والصورة ([xi])_ فإننا سنلحظ في نص السماعيل أن لا أثر لعدوان التاريخ ، فقد بقي الطلل متماسكًا وماثلاً ، وعودل برموز خصوبية : الأم ، والبئر المليئة بالماء . أما عند الصالح فالذكرى والطلل رمز لجرح متسع منفتح ، فالذي كان رمز فرح تحول مع طول العهد ومرارة الفقد إلى رمز لجرح منفتح , يحيل الآن إلى آلامٍ يتوارى الشاعر عنها ؛ لأنها تذكره بالحاضر المتهدم المنهار . السماعيل  ظل قادرَا على أن يبقي الذكريات بجمالها , وهي لا تؤلمه , بل  تطبب ما انجرح من العمر ؛ فتلك الأماكن القديمة صارت أشبه بواحة للسماعيل لا ينافسها الحاضر ولا تزحزحه عن مكانه . أما الصالح فالمسألة عنده مسألة عدوان ؛ الحاضر اعتدى على الماضي ، وانتهى, ولم يعد بالإمكان أن يتصاحبا أو يتجاورا ، فذاك بأزهاره وعنفوانه وهذا بتهدمه وحطامه . إن تقابل الاثنين ومواجهتهما تؤلم المخيلة ، ولا يحتملها الإحساس ؛ لذلك يطالب الصالح صاحبه بالكف والسكوت .

          قد نسأل عن السبب في هذا الفارق ، وقد نجده في الفروقات الفردية للشخصيتين . ولكن أيضًا من المحتمل أيضًا أن بواعث الذكرى ، لا مضامينها ، هي التي أدت إلى هذا الفارق بين شاعر يستوقف صاحبته, ويسعد بالذكرى والطلل ، وشاعر يتوجع , وينهر صاحبه , ويطالبه بالكف ، ويشيح بوجهه عن الذكرى والطلل ، ويستحثه على الإسراع والمضي عدوًا إلى ملاذ لا حلم فيه . أقول لعل الباعث هو السبب ؛ فقصيدة السماعيل وقفة متعمدة قاصدة إلى مكان قديم حميم ، والقصد يمنح الإحساس فرصة الترفق والهدوء , وربما الاستمتاع والتلذذ بالذكرى والبحث عما بقي وعما ضاع . أما بالنسبة للصالح فقد فاجأه صاحبه بالقصيدة ، وأدخله عنوة ودونما استئذان إلى حالة تذكر جبرية . فالإحساس يُصدم فجأة بما يهوله من كم مقارنات بين ما كان وما آلت إليه الأحوال . إن كم التفجع في نص الصالح يكشف عن تعرّفٍ درامي لذكرى حية ، ولكن كانت هاجعة تحت قشرة خفيفة من السهـو المتعمـد ، فجـاء صـاحبه ( السماعيل ) وأيقظ ( ألف شاردة ) .

إذًا موضوع الذكرى وباعثها معًا شكّلا فارقًا آخر في طبيعة الصورة ، فرأينا المجازات المتحلقة حول طلل السماعيل مجازات ذات سمات خصوبية إحيائية مشرقة . ولكن المجازات المتحلقة حول طلل الصالح الذي هو طلل السماعيل نفسه ( وهذه مفارقة ، فهما يتحدثان عن مكان واحد يخصهما معًا (المسهرية) حارة الطفولة والصبا المشترك ) هذا الطلل تتحلق حوله في نص الصالح صور متراخية منهارة ، ومع أنه تحيط بها ، من بعيد ، إلماحات إلى الحياة السعيدة السالفة إلا أن عين الوعي الحاضر تكللها بالدمع والحزن والتهدم والكآبة .

وهذا أمر متوقع ؛ فالذي حدث أن السماعيل جاءت إليه الذكرى وهو يمر بالأماكن القديمة ، وراحت تحدثه الذكرى / الطلل ( لاحظ أن عنوان القصيدة هو حديث الأماكن القديمة ) حديثًا غمره بحالة من الرضا والسعادة والارتماء في حضن حميم ( البئر / الأم ) . أما الصالح فقد فُُرض عليه التذكر فرضًا ؛ حيث جره السماعيل إلى المكان / الذاكرة , وهذا ما يذكر بقول بروست Proust : " الذكريات الأكثر إسعادًا ونبلاً بالنسبة إلينا هي تلك التي تأتينا دون أن نريد ذلك . "([xii]) أو كما يذهب برغسون Bergson حول ما يسميه الوعي الحالم ؛ إذ يجب الخروج من الانشغال بالفعل ، و يجب أن تتوقف رغبة التأثير في الأشياء لكي يتاح للذكرى المجيء في الوعي الحالم . ([xiii])

الهوية السردية والبنائية :

1- الهوية السردية في مرآة الطلل/ الذاكرة :

           المفارقة الطللية تقوم على فضح التغير الذي يلحق الأشياء والكائنات ؛ فالماثل منها والحاضر منها يحيل إلى غياب فادح . فحاضرها المنكمش في صورة طلل يقاوم آثار الزمن ، ويكشف عن مماهاة بالذات الحاضرة للشاعرين التي تتماسك كل منهما إزاء رؤية الذات في مرآة الغياب . الطلل هوية لا تتعلق بالمادي المتعين فحسب , وإنما هي هوية داخلية أيضًا . وتشبه هذه الهوية ما سماه ريكور الهوية الـسردية  ([xiv]) ؛ فكون الإنسان يملك ذاكرة فذلك يعني أن ثمة هوية تتغير مع الزمن . وهذا التغير هو الذي تقوم المفارقة الطللية بقصه من خلال الاستعادة والربط بين الماضي والحاضر . الوقفة الطللية وقفة حدّية ، أو توهم بأنها كذلك . على حين أن الذات ، والنص يكشفان عن تداخل الزمن المعقد في الذكرى ؛ فاللحظة الحاضرة ، أو ألمها تحديدًا ، هو ما يدفع الذات للغوص واستدناء الماضي الغض بذكرياته السعيدة . الطلل النصي شكلاً يقول شيئًا يتناقض مع معناه الأعمق . أو بعبارة أخرى صوت الشاعر يحاول أن يصرخ في خواء التمثال وفراغه علّه يبعث فيه نعمة الحياة التي هدمته !! وهنا حينما يتردد الصدى في خراب الطلل/ العمر الذي تقيم القصيدةُ حدادها عليه تتطابق اللحظة الحدية الواهمة ؛ فيمسي العمر هو الطلل ، هو النص ؛ و تعود الذكرى إلى رشدها لتتعرف أنها تتأمل تمثالا قصيًا هدمته يد الأيام عند الصالح ، واحتضنته يد الأم وبركتها في نص السماعيل . وفي كلا الحالين يحمل الطلل الحقيقي والشخصي الماثل معنى التهدم ، أما الطلل المجازي القار في الذكرى فليس طللاً ، إنه التمثال الذي لا يتهدم ، والذي تعيد القصيدتان استرجاعه من خلال تمثالهما النصي الماثل في البناء الشكلي للقصيدتين . والمفارقة الطريفة أن نص السماعيل وهو الأقصر عمرًا يبدو من حيث مضمون الذكرى أكثر شبابًا , ونصه كذلك أقصر على الرغم من أنه كان متوقعًا أن صورة الأم المتوفاة تستدعي إلى الذهن صورًا كئيبة وهرمة . أما الصالح الأكبر عمرًا ، والمحتشد بذكرى متهدمة حزينة فنصه أطول على الرغم من أنه استدعى صورالمحبوبة الشابة .

 

 

الهوية :

          وكان بدهيًا أن الهوية السردية للنص _ نص الصالح _ ستكون أطول وفي الوقت نفسه احتاجت أن تستعير من هوية نص السماعيل ما يتعلق بالبناء والقوافي فاستعار اثنتي عشرة قافية من قوافي السماعيل, على حين أن نوعية الصور التي استندت إلى نوعية الذكرى انعطف بها الصالح في وجهة مفارقة لوجهة السماعيل ، حيث انعطف بها _كما أسلفت _ نحو تكريس معاني الضعف والتغير والتهدم . وهذا ألقى بظله على صور الصالح التي بدت متهاوية هي الأخرى في مقابل صور السماعيل وبناء نصه الأكثر قوة وشبابًا !!

 السماعيل بدأ في قصيدته باستيقاف صاحبته , ولكنها  بقيت على مسافة من الطلل ؛ فالطلل ليس ممتزجًا بها بوصفها صاحبة أو حبيبة ، لأنه ممتزج بالمرأة الأم . أما عند الصالح فالطلل ممتزج بصورة المرأة الحبيبة , وهذا ما جعله يحرف مسار الطلل , ويغير عنوان قصيدة السماعيل لتصبح ( أجمل الحب) . ومع أن الأم , التي هي أساس الخصب والسكينة , وصورتها الأقرب إلى الزوال بحكم التقدم في السن والأسبقية إلى الموت , والمتوقع أنها صورة ستفضي إلى معاني الحزن والفقد في النص , إلا أن حضورها في نص السماعيل مختلف ؛ فقد نفذ بها إلى المعاني الوجودية الأعمق ؛ حيث الأم الكونية أصل الحياة وعلامة استمرارها . أما الصالح الذي ضمّن صورة المرأة / الحبيبة وهو المعنى المناقض لصورة الأم والشيخوخة والأقرب إلى معنى الحياة الفرحة – فلم ينجح في الخلاص من صورة الاضمحلال والعدم ؛ فنصه يرزح تحت وطأة التحسر والحزن , فيما تحس بالوداعة والرهافة في نص السماعيل , إذ يرتمي في حضن الأم/ الذكرى حتى وإن كانت غائبة وفي ذمة الله  .

          وذلك ما يعمق المعنى الثابت لموقع الأم وصورتها التي لا يمكن أن يلحقها التغير , على حين قد تتعرض صورة المرأة الحبيبة لعوامل التبدل والتحول وقد تبهت بمرور الأيام . ولعل هذا الفارق يفسر لماذا بدا طلل السماعيل قويًا خصبًا متماسكًا وطلل الصالح متهدمًا مرت عليه يد الدهر الجائرة !!

          ولعل تلازم معنى القدم والعراقة مع صورة الأم هو الذي جعل المرور بالأماكن القديمة يستدعي صورة الأم تحديدًا , ويستدعي أن يكون حديث القصيدة يأخذ , على قصره , سمة العمق والسكينة والدفء والوقار , التي هي سمات أمومية قد أثرت شكليًا على بنية نص السماعيل من حيث الطول ومن حيث الدلالات المريحة المشعة من داخل الأبيات المتدفقة .

          أما في نص الصالح فلأن الصورة التي لابست صورة الأماكن القديمة كانت صورة الحبيبة فقد أدى ذلك إلى انعطاف العنوان أولاً ليصبح أجمل الحب ، ثم امتد التأثير إلى طول النص فصار أطول بكثير من النص المعارض([xv]) , ثم راحت القصيدة تتبدد في متابعة صور الذكريات مبعثرة هنا وهناك ,  لتجمع الأهل والجيران والأطفال الصغار إلى جوار صورة امرأة مبهمة كانت هناك .

 

2- الهوية البنائية : كسر السماعيل للنمط وارتداد الصالح إليه :

أ – ملامح كسر تقاليد الوقوف على الطلل في قصيدة السماعيل :

نلاحظ في قصيدة السماعيل سمات ومظاهر لكسر نمطية بنية الوقوف على الطلل فقد :

  1. استوقف الصاحبة وليس الصاحب .
  2.  كما أن الطلول هنا طلول العمر الذي انجرح والحلم الذي انسفح ، على الرغم من أنهما ( العمر والحلم ) ماثلان واقفان بين الطلول .
  3.  كما أن ثمة طلولاً داخلية ، رمزها الماثل المادي الخارجي المتهاوي المغبّر المتهدم يقابله وجه آخـر : الطلل الداخلي الحي النابض الساري في الأوردة , تلك الأماكن  التي تخفي بئرًا لم يجف ماؤها !!
  4. هذا المعنى أعلاه ( رقم ثلاثة ) هو كسر متعمد لصورة الطلل  السائدة في القصيدة القديمة ، فالري والمطر ري وارتواء داخلي ، وليس استمطارًا من السماء . سماء  الشاعر الداخلية مورقة خصبة حفظت طلله مورقًا جميلاً غضًا فتيًا ، بل طفلاً يغرد في كونه الذي تفتح للتو في النص ، وهذا ما يربط البئر بالأم ، ويجعل الشاعر يستدعيها . فالعودة ( في الطلل ) إلى الأم عودة إلى الرحم و إلى سلام الجنين ودفء الماء الأول . وفي استحضار الأم مع الطلل كسر متعمد آخر للنمطية السائدة التي ربطت الطلل بالحبيبة . ولذلك حينما يفلت الشاعر يد صاحبته عدوًا إلى الأم سنلحظ تحولاًً آخر ينتقل فيه من الأم إلى القصيدة : الأم الكبرى التي يحتاج يده ليكتبها ، وهذا ما جعله يسمي قصيدته (حديث الأماكن القديمة ) . ونسبة الحديث إلى الأماكن القديمة كسر آخر لنمطية الطلل الأعجم ، فالأماكن القديمة/ الأطلال تتحدث ، تقول قصيدتها ، إنها ليست عجماء بكماء ميتة . يد الشعر ترسل دلاءها إلى البئر الداخلية إلى الذاكرة الموشومة بالطلل الغض في الزمن البعيد العتيق , زمن الشعر والبكارة , لتصعد بها على بكرة القول , وتصب ماءها ودلالاتها وحمولاتها الترميزية .

 

ب – ملامح  النكوص أو المعارضة المُعارضة في قصيدة الصالح :

          إن  الصالح ، وهو يعارض قصيدة صديقه ، يتعمد أن يعيده إلى جو الطلل التقليدي ، فيبدأ بتوجيه خطابه إليه بوصفه صاحبًا ،  وهو المنادى في التقاليد الطللية ، ثم يستدعي الذكرى  , ولكن كخطاب إلى طلل مكاني مادي ماثل ، وكخطاب إلى زمن مضى وانقضى , ولم يعد له وجود ( لمثل هذا الزمان الخصب ) . نعم هو مازال حيًا بالقلب ، ولكن وقائع الحياة الحالية تجعله يتحول , ويصبح مجرد منزل كان وزمان جميل مرت عليه يد التجديد التي جعلته يميد وينهد منطرحًا ، وبات الشاعر يخشى على الذكريات البيض من يده ، يد الشاعر التي تكتب قصيدته الرثائية للطلل الذي تحوله يد الشاعر إلى جرح يستحق أن يُغطى لا أن ينكأ !!

          الطلل هنا يعود منهدًا وجريحًا وكابيًا . يترسخ في مكانيته ، و يُهيل الشاعر عليه التراب والغبار فتمسي قصيدته رجعًا في الطلل . وإذا كانت القصيدة الطللية _ إجمالاً _ صوتًا يتردد أو صدى يرجع إلى الشاعر مرة أخرى فالقصيدة هنا رجع صدى لصدى ، ولذلك من الطبيعي أن يبهت الطلل فيها, وينهار إلى الحد الذي لم يعد بإمكان الشاعر تداركه أو احتماله حتى يصل الحال بالشاعر إلى الاستغاثة بصاحبه :

(يا شاعري استيقظت بي ألف شاردة          لا تنكأ الجرح ما عاد المساء ضحى )

 ألف شاردة تستيقظ و تنكأ الجرح ،  لكنها لا تتماسك أمام طلل مرت عليه يد التجديد الجائرة ، تلك اليد التي تستبد , وتعلو فوق يد الشاعر . وقد جاء تتالي اليدين في بيتين متلاحقين بارعًا :

( مرت عليه يـد التجديـد جائـرة      فمـاد من جزع وانهـد منطرحـًا

يخشى على الذكريات البيض من يده وهو الذي في الوفا ما خان أو جنحا ) ([xvi])

إن اليد التي يخشى على الذكريات البيض منها ليست سوى يده التي ترتعش أمام يد التجديد في بناء القصيدة الذي كان متماسكًا , وراح ينهد منطرحًا . أليست الخاتمة التي أنهى بها السماعيل قصيدته وهو يفلت يد صاحبته ليعدو في فضاء القصيدة شبيهة إلى حد كبير بهذه اليد , التي بدلاً من أن يبسطها الشاعر الصالح إلى النص يكفها عنه عزوفًا عن بناء يخشى أن يمس ذكرياته البيض ؟ ترى هل يقاوم هنا الصالح هواجس التجديد الشعري وقد التبست بذكريات الصبا الغض غضاضة القصيدة التي يجب ألا تمسي طللاً أبدًا ؟

          إنها الشعلة التي تتناقل منذ القديم وعليها ألا تخبو ، وعلى بنيتها ألا تتهدم أبدًا ، ولذا يتورع (الصالح) من أن يمس هواجس تتعلق بعراقتها ونقائها الأبيض !!

 

حديث الأماكن القديمة

د. عبد الرحمن السماعيل

 

قفي أحدثك عن عمري الذي انجرحا

                                 بين الطلول ، وعن حلمي الذي  انسفحا

هـذي الطلول لهــا نبض بأوردتي

                             عطـر الطفولة  من أفيائها  نــفـحا

في كل زاويـــة عمر وذاكــرة

 وألف سر عــلى الجدران ما  افتضحا

تـعـال أسمعك خطواتي ، فما برحت

هنـا مـغردةً ، والقلب مـابــرحا

أتسمـعين ؟ هنا نبضـات ساريــةٍ

تحت الــركـام ، وبئر بعد  ما نزحا

ألا تــرين ؟ فذاك الطفـل كان أنا

و فـرحــة العمر في عينيه  إذ نجحا

هـــذي الأزقة كانت كل خارطتي

    وكـانت الـكـون  في عيني منفتحا

 

 ììì                            gdfdf

df

قـــفي فديتك ، هذا البيت يعرفني

وذلك الباب بعدي قط ما انفتحا

أكاد ألمح أمي فيه جالـــــسةً

تجلو بشاشتها شمس الشتاء ضحى

دعي يدي ، فهــذي ريحها عبقت

بين الطلول ، وهذا صوتها صدحا

 

أحسها في دمي شلال عـاطفةٍ

يــكاد يحملني شوقي لها فرحا

طال المدى بيننا والشوق يحرقني

إلى لقاهـا ، دعيني ، علّه سنحا

ضاقت بكل هموم العمر دائرتي

وصدر أمي مداه الكون منفسحا

فقدته ، ففقدت العمر مبتسمًا

أفدي ثراها بعمـر بعدها كلحا ([xvii])

 

 

أجمل الحب

أحمد صالح الصالح

 

لأجمل الحب هذا القلب ما برحا

يهزه الشوق للعشق الذي انجرحا

هناك تسكن ذكرى كم ترشفها

في المهد .. وهو بها ما زال مصطبحا

عمر تضوع به الذكرى تعهدها

في " المسهرية " طفل شب فانتزحا

مرت يداه على جدرانها زمنًا

كأنما ينقش الحب الذي اجترحا

وكم تناءت خطاه وهي مشفقة

أن يهجر الأرض والأحباب والقدحا

ومنزلاً عاش في أحضانه عمرًا

ونخلة هزها فاساقطت بلحا

وأن يفارق حيا كان يسكنه

وجيرة وصلهم ما شح أو قبحا

لمثل هذا الزمان الخصب كم ذرفت

دموعه لوعة فانهل منسفحا

يا شاعري رجع ذكراك التي خطرت

أحيت بقلبي زمانًا بعد ما برحا

أحيت ثوانيه دقات ينوء بها

قلب أحب وفيها القرب ما سمحا

ألقت إليه عيون الشوق صبوتها

فأشرق الحب في وجدانه فرحا

 

وعاش عهد الصبا حينًا تدللـه

تلك الأماني ، وحينًا وجهها كلحا

طوى على أعذب الذكرى تجلده

وما تزال على طول النوى ملحا

وما تزال حديثًا في دفاتره

قصائدا كم على موالها صدحا

رفقًا حنانيك قد أيقظت ذاكرة

مرت على حلم في العمر قد سنحا

تنازعتنا " أبا شادي" مواجعنا

الجرح لازال في الأعماق منفتحا

والقلب لازالت الفيحا تتيمه

ألم تكن لجميع الحب مفتتحا

لازال يذكر طفلاً في أزقتها

يرى الحياة نعيمًا ما رأت ترحا

في كل شبر له ذكرى يهيم بها

ومنزل كان بالإيمان متشحا

مرت عليه يد التجديد جائرة

فماد من جزع وانهد منطرحا

يخشى على الذكريات البيض من يده

وهو الذي في الوفا ما خان أو جنحا

يا شاعري استيقظت بي ألف شاردة

لا تنكأ الجرح ما عاد المساء ضحى([xviii])

 

 

 

 

 

 


[i] - ابن رشيق ، العمدة ، تحقيق مفيد محمد قميحة ( بيروت ، دار الكتب العلمية ط. الأولى 1403هـ/ 1983)   ج1/ 158

[ii] - الآمدي ، الموازنة بين أبي تمام والبحتري ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ( بيروت ، المكتبة العلمية [ 1394هـ / 1974م ] ) .

[iii] - الآمدي ، الموازنة ص 388 .

[iv] - أفضل كلمة ( تيمة ) بدلاً من كلمة  ( موضوعة ) ولقد سبق أن بيّنت وجهة نظري في هذا الاستخدام للمصطلح في كتابي : المكان والجسد والقصيدة ( بيروت ، المركز الثقافي العربي ، ط.الأولى سنة 2005م ) ص 7 هامش 2 حيث قلت ما نصه : يترجم عدد من الدارسين المصطلح theme بـ (ثيمة) وبعضهم يترجمها( تيمة) ، وبعضهم يضع كلمة (موضوع ) أو( موضوعة) أو (غرض)كمقابل عربي . ولست أرتاح لهذه المقابلات لعدم دقتها وعدم وفائها بالمعنى المصطلحي للكلمة ، لذا أفضل كلمة تيمة للدلالة عليها . ينظر مثلاً كتاب مجدي وهبة ، معجم مصطلحات الأدب (بيروت ، مكتبة لبنان طبعة 1984م مادة theme ، وينظر كتاب سمير حجازي ، قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر (القاهرة ، الآفاق العربية ط. الأولى 1421هـ 2001م) مادة theme)) ص138، وينظر كتاب أمين يعقوب وبسام بركة ومي شيخاني ، قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية (بيروت ، دار العلم للملايين 1987م ) مادة (theme) وينظر أيضًا حميد لحمداني ، سحر الموضوع ( منشورات دراسات . سال سنة 1990م ) هـامش ص 22 .

[v] - ينظر ابن سلام ، طبقات فحول الشعراء ، تحقيق محمود محمد شاكر (  القاهرة ، مطبعة الـمدني [1394هـ / 1974 ] ) .

[vi] - ينظر مقدمة ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء تحقيق أحمد محمد شاكر  ( القاهرة ، دار المعارف . ط. الثانية 1961) ، وينظر مثلاً لأبي هلال العسكري كتاب الصناعتين , تحقيق مفيد قميحة ( بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط الأولى 1401هـ / 1981م ) ص 513 ، وينظر ابن رشيق العمدة ج1/ص158 ، وينظر ابن خلدون ، مقدمة ابن خلدون ( بيروت ، دار الهلال ط. الرابعة 1398هـ/1978م )  ص 571 . 

[vii] - ينظر مثلاً حسين عطوان ، مقدمة القصيدة العربية في العصر الجاهلي ( القاهرة ، دار المعارف ، 1970م) ، وينظر حسن البنا عز الدين ، الكلمات والأشياء : التحليل البنيوي لقصيدة الأطلال في الشعر الجاهلي ( بيروت ، دار المنهال ط . الأولى 1409هـ / 1989م ) ، وينظر شكري فيصل ، تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام ( بيروت ، دار العلم للملاين ط. الخامسة ) ، وينظر أحمد الحوفي ، الغزل في العصر الجاهلي ( القاهرة ، دار نهضة مصر . ط . الثالثة ) وينظر سعد حسن كموني ، الطلل في النص العربي : دراسة في الظاهرة الطللية مظهرًا للرؤية العربية ( بيروت دار المنتخب العربي ط. الأولى 1419هـ / 1999م ) . وينظر مصطفى عبد الواحد ، الوقوف على الأطلال بين شعراء الجاهلية والإسلام حتى القرن الخامس الهجري ( مكة المكرمة ، نادي مكة الثقافي ط . الأولى 1404هـ / 1983م ) 

[viii] - جان كلود فيو ، الذاكرة . ترجمة جورج يونس ( دار المنشورات العربية ، المطبعة البـولسية 1977م ) ص 121.

[ix] - مسارات فلسفية ، ترجمة محمد ميلاد ( سوريا ، دار الحوار ط. الأولى 2004م )  ص 185.

[x] - بول ريكور ، الذات عينها كآخر , ترجمة جورج زيناتي ( بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ط. الأولى 2005م ) ينظر الدراسة الخامسة بعنوان : الهوية الشخصية والهوية السردية ص 249, والدراسة السادسة بعنوان : الذات والهوية السردية ص 293, وعن علاقة الهوية  السردية بديالكتيك المتغير ينظر ص 305-306 من الكتاب نفسه ، وينظر بول ريكور الهوية السردية  ضمن كتاب : الوجود والزمـان والسرد . ترجمة سعيد الغانمي ( بيروت ، المركز الثقافي العربي ط. الأولى 1999م ) ص 251-265 . وينظر كذلك مسارات فلسفية ص 186.

[xi] - مسارات فلسفية ص  185.

[xii] - مسارات فلسفية ص 187.

[xiii] - مسارات فلسفية ص 187.

[xiv]  - مسارات فلسفية ص 186.

[xv]  - عدد أبيات قصيدة السماعيل أربعة عشر بيتًا وطول قصيدة الصالح اثنان وعشرون بيتًا .

[xvi] - ينظر قصيدة الشاعر مسافر في الملحق آخر البحث .

[xvii] - المجلة العربية  عدد صفر 1421هـ العدد رقم 277 .

[xviii] - المجلة العربية عدد ربيع الأول 1421هـ العدد 278 هـ .