خلاصة :
يقوم هذا البحث على تتبع عدد من ملامح التشابه بين نص (هكذا تكلم زرادشت ) لنيتشه وسلسلة الأفكار والمواقف الواردة فيه وبين نص ( البومة العمياء ) للإيراني صادق هدايت بوصف المتن الأول متنًا مرجعيًا تتضح آثاره على عدد من التشابهات والتماهيات وبعض التحويرات الضرورية في نص هدايت .
دراسة بعنوان ( نيتشه على مرايا الأدب الإيراني : رواية البومة العمياء لصادق هدايت نموذجًا ) نشرت في مجلة الدراسات العربية الصادرة عن كلية دار العلوم في جامعة المنيا عدد9 يناير 2004م .
الأثر النيتشوي على رواية البومة العمياء :
يسعى هذا البحث للكشف عن التشابهات الكثيرة بين متن ( البومة العمياء ) وبين عدد من الأفكار والمواقف والأحداث الواردة في نص نيتشه ( هكذا تكلم زرادشت ) بهدف إضاءة كيف أمكن توظيف مثل تلك الأفكار والمواقف وترجمتها روائيًا على نحو فني بارع , مما يبرز التشابهات والاختلافات أيضًا على نحو كاشف لوحدة الخبرة الإنسانية وتجّليها سواء في الأدب أم الفلسفة .([1])
يغلب النفس العرفاني المتأمل على رواية ( البومة العمياء ) فتحمل النفس الرسولي نفسه الذي يطبع نص ( هكذا تكلم زرادشت ) لنيتشه . إننا إذا ما أعدنا ( زرادشت ) إلى جذره الفارسي وربطنا ذلك بالأصل الإيراني لمؤلف الرواية ، وربطنا ذلك بالتأثر المحتمل بأفكار نيتشه وفلسفته ـ بحكم ثقافة هدايت ومعيشته في فرنسا ـ لأمكن أن ننظر إلى الرواية بجملة التقاطعات والتشابهات ومواضع التماهيات مع مقاطع وشخصيات وأفكار من ( هكذا تكلم زرادشت ) , ولأمكن أن نقارن العملين على مستوى الموضوع والأفكار ، ولأمكن النظر إلى رواية هدايت بوصفها الترجمة الأدبية لجملة من أفكار نيتشه ؛ إذ جعل هدايت بطل الرواية يمثل تلك الأفكار ويبدو شبيهًا بزرادشت في عزلته وقطعه مع المعتقد ، ويشبهه في عدد من الرؤى والأحلام ، كما يؤمن مثله بمقولات : الزمن الدائري والعود الجديد ، والولادة المتكررة ، والإنسان المتفوق ، كما يحاول أن يجتاز التحولات الثلاثة وينتهي نهاية مأساوية .
أ. العزلة والوحدة :
بطل رواية (البومة العمياء) إنسان غارق في الظلام كما يصف نفسه ، محبط ومتألم ، ويشعر بعمق اليأس و التشاؤم ، ويحس بالفراغ والألم من الحياة . وهو يعيش في عزلة مختارة ، يعيش أوجاع وحدته ومرضه ، ويتصارع مع أفكاره وتأملاته . وهذا البطل الإيراني يذكر بحكيم الفرس زرادشت بطل نيتشه في ( هكذا تكلم زرادشت ) الذي اعتزل الناس ليصل إلى الحكمة . وقد اخترع نيتشه شخصيته لتعبر عن عقله الباطن ، وليستعرض من خلاله أفكاره ورؤاه .
والبطل عند هدايت يسعى للبحث عن أجوبة لأسئلته ، ويدفعه قلق وجودي كبير للقطع مع الحكم والمعتقدات السائدة . يفتتح هدايت روايته بهذا المشهد الذي يقدم لنا البطل على هذا النحو بلغته السردية الذاتية :
" في الحياة جروح وعذابات تتآكل الروح مثل الجذام , وتبريها شيئًا فشيئًا بعيدًا عن الأنظار ... ، سوف أشرع في وصف واحد فحسب من هذه الأحداث التي جرت معي وهزتني إلى درجة يستحيل نسيانها ... كل ما هنالك أنني أخشى أن أموت غدًا ولمّا أعرف نفسي ـ لأن تجارب الحياة قد أوقفتني على سر تلك الهوة السحيقة التي تفصل بيني وبين الآخرين ، وأفهمتني أنه ينبغي لي الخلود إلى الصمت ماكان إليه سبيل ، وأن علي أن أحتفظ بأفكاري لنفسي ما أمكنني ذلك . وإذا كنت الآن قد عزمت على الكتابة فليس ذلك إلا لكي أُعرّف ظلي بي ـ ذلك الظل المنحني على الجدار والذي يبدو وكأنه يبتلع كل ما أكتبه بشغف شديد ـ إنه من أجله سوف أجري تجربة : لأرى إن كان بوسعنا أن يعرف أحدنا الآخر على نحو أفضل . فمنذ قطعت كل علاقاتي بالآخرين وأنا أريد أن أعرف نفسي على نحو أفضل ."([2])
ها هو حكيم نيتشه في ( هكذا تكلم زرادشت ) يعتزل الناس ويلتزم الصمت ليعرف نفسه.
ب. الأبدية :
وكما استهل نيتشه في ( هكذا تكلم زرادشت ) حديثه بعد عزلة طويلة عن الناس في الجبل بأن بدأ يتحدث مع الشعاع ـ شعاع الشمس المشرقة ـ حيث يبدأ أول حدث وأول حوار ([3]) ، يبدأ كذلك هدايت روايته بعد أن عرّفنا بالبطل الذي يريد أن يتعرف على نفسه بالكتابة إلى ظله . إنه يقص على ظله أخطر أحداث حياته يقول : " لقدكانت أول مرة في هذه الدنيا الوضيعة الغاصة بالفقر والمسكنة ـ ظننت أن فيها شعاعًا من الشمس قد تألق في حياتي ـ ولكن ، أسفًا ، لم يكن هذا شعاع شمس ، بل محض ومضة عابرة ، نجمة طائرة ، تجلت في إهاب امرأة أو ملاك ، وعلى ضوئها رأيت في لحظة واحدة ، بل ثانية واحدة ، كل تعاسات حياتي وتقصيت عظمتها وجلالها ، ثم اختفت هذه الومضة في لجة الظلام ـ حيث كان ينبغي أن تختفي ـ كلا لم استطع أن احتفظ بهذه الومضة العابرة لنفسي ... كيف استطيع أن أنساها وهي على هذا القدر من الارتباط بحياتي ؟ ... لقد أخرجت نفسي تمامًا بعدها من زمرة الآدميين من زمرة الحمقى والمحظوظين ، ولجأت إلى الشراب والعقاقير طلبًا للنسيان ."([4])
إن هذه المرأة التي بزغت عيناها فجأة في حياة البطل واختفت كحلم تنتقل معه في أحلامه وهلوساته ورسوماته لنصادفها صنو الأبدية والأزلية والسلام والراحة المستحيلة , حتى إن كشوفات البطل وتهويماته تبدو قريبة على مشارف حلم نيتشه الذي يربط فيه المرأة بالأبدية حيث يقول نيتشه على لسان زرادشت : " إذا كانت هبت علي نسمة من نسمات الإبداع الإلهية التي تُكْره حتى الصدف العمياء على الدوران راقصة كتراقص الكواكب في الأفلاك . إذا كنت ضحكت بقهقهة البرق المبدع يصحبه إرعاد العمل ... فكيف لا أحن إلى الأبدية ولا أضطرم شوقًا إلى خاتم الزواج إلى دائرة الدوائر حيث يصبح الانتهاء عودة إلى الابتداء . إنني لم أجد حتى اليوم امرأة أريدها أمًا لأبنائي إلا المرأة التي أحبها لأني أحبك أيتها الأبدية . "([5])
تتلبس روح هذا النص الذي كرره نيتشه ست مرات في مقاطع غنائية فلسفية عالية روح نص هدايت في حديثه عن المرأة التي أومضت للحظة في حياة البطل ، حيث يقول بعد حديث يصف فيه مطاردته لشعاعها وعجزه عن تحديد هل هو وهم أم حقيقة ، وتتبعه لمكان ظهورها فجأة لثاني مرة في غرفته وعلى سريره يقول : " إن هذه هي تلك المرأة ذاتها ، تلك الفتاة عينها التي دلفت داخل حجرتي دون دهشة دون أن تنبس ببنت شفة . كنت أتصور دائمًا أن أول لقاء لنا سيكون على هذا النحو . كانت هذه الحالة بالنسبة لي بمثابة نوم عميق لا نهاية له ، إذ ينبغي الاستغراق في نوم عميق جدًا لكي يمكن رؤية حلم كهذا ، وكان هذا الصمت بالنسبة إليّ بمثابة حياة خالدة ، ففي حالة الأزلية لا ينبغي الكلام . "([6])
وتظهر المرأة نفسها بعد سلسلة من السرد الذاتي لأحداث متداخلة عاشها البطل في حيوات متنقلة , عاش فيها ومات وارتد مرة أخرى إلى الحياة . تتراءى المرأة نفسها متماهية مع شخصية زوجة البطل التي تموت أيضًا ، فيتحدث عنها مرة أخرى ويربط المرأة المحبوبة المشتهاة بالأبدية / الحلم يقول : " أدرك في النهاية أنني صرت نصف إله ، كنت فوق كل احتياجات الناس الحقيرة التافهة, وأحس في نفسي تيار الأبدية والخلود ـ ما هي الأبدية ؟ كانت الأبدية بالنسبة لي أن ألعب مع تلك الفاجرة على ضفة نهر (سورن) وأغمض عيني لحظة وحسب وأدفن رأسي في حجرها ."([7])
والذي يشير إليه البطل هنا من اللعب على ضفة نهر (سورن) إحالة إلى مرحلة الطفولة ، حيث كان يلعب مع المرأة ، التي صارت فيما بعد زوجته ، حينما كانا طفلين يعبثان ويلعبان ، لعبًا حرًا عفويًا غير مسؤول ([8]). ولا شك أن ربط الأبدية بالمرأة والعبور بها إلى الطفولة له دلالاته القصوى فيما يتعلق بالأثر النيتشوي ، خاصة فيما يتعلق بمرحلة الطفل ، وهي إحدى المراحل الثلاث أو التحولات الثلاثة المهمة عند نيتشه . وذلك ما سأتوقف عنده في موضع لاحق .
جـ الجثة :
إن هذه المرأة التي ظهرت في أول الرواية وهبطت فجأة وقد فارقت الحياة على سرير البطل يحتار في أمرهـا ، ثم يضع جثتها في حقيبة ، ويحملها على كاهله ، ويبحث عمن يساعده على نقلها ودفنها . هذه المرأة هي نفسها التي تظهر في آخر الرواية . فبعد سلسلة سرد فنتازي عن امرأته التي يقرر قتلها تنتهي الرواية بمشهد البطل وقد عاد ملطخًا بالدماء . هذه الجثة التي ينوء بحملها منذ أول الرواية تذكر بقوة بأول حدث يصادف حكيم نيتشه بعد مشواره مع العزلة ، إذ بينما زرادشت يتفرج على المهرج يسقط المهرج فجأة جثة هامدة من على الحبل ، ويحمله زرادشت متورطًا بجثته ساعيًا إلى دفنه ([9]). شيء من التحوير البسيط حدث هنا ، والفرق أن البطل عند هدايت يظل يهلوس بهذه الجثة المفاجئة ، التي كانت منذ قليل شعاعًا نورانيًا باهظ التأثير على حياته والتي شكل قص قصتها مجمل السرد في الرواية .
د. الميتات والولادة الجديدة والعودة الدائمة :
عذابات البطل التي يصفها في لغة السرد الذاتي الحميمة , والتي تصور بطلاً يعيش حيوات مختلفة , ينقلها عبر سرد مدهش تضيع فيه الملامح بين الحيوات , وينتقل عبر القص في لغة حلمية يتماهى فيها الحاضر بالماضي والنبؤة بالآتي . وتتداخل الأحداث في لغة استنباطية بارعة . وتبدو علاقة البطل بالموت والولادة من جديد والعودة إلى الحياة علاقة ألم وضياع وعزلة ، ولكنها أيضًا تحمل الوعد والخلاص المنتظر .
تبدأ ملامح تداخل الحيوات وتذكر بقايا حياة سابقة في موقف يقص فيه البطل أثر رؤيته لفتاته التي بزغت عيناها فجأة في حياته وأومضت للحظات ثم غابت . يقول :
" في هذا الوقت كنت قد ذهلت عن نفسي كأنني كنت أعرف اسمها من قبل . وميض عينيها لونها ، أريجها ، حركاتها ، كل ذلك كان يبدو مألوفًا لدي ، كأن روحي كانت تحاور روحها في حياة سابقة في عالم مثالي ،كأنني وإياها أصل واحد ومن مادة واحدة وينبغي أن نندمج معًا ."([10])
وقد وصف هذه المرأة وصفًا أبعدها من خلاله عن أن تكون كائنًا أرضيًا . وحينما حضرت ميتة إلى سريره وسحبت مع ظلها ظله بقي ميتًا بين الأحياء بجسده المسمم يقول : " هذه هي الشخص ذاته الذي سمم كامل حياتي ... لقد خرجت روحها المدمرة والمؤقتة ، التي لم يكن لها أي ارتباط بعالم أهل الأرض ، من بين ثيابها السوداء المغصّنة بهدوء من داخل جسد كان يعذبها ، ومضت نحو عالم الظلال الهائمة ، وكأنها قد أخذت ظلي معها ... ولما كانت حياتي آخذة بالارتباط بكل وجود من حولي وبكل الظلال التي تتراقص حولي ولما كنت على علاقة لا انفصام لعراها مع عالم وحركة الموجودات والطبيعة ، وحيث امتدّ بيني وبين جميع عناصر الطبيعة تيار مضطرب عبر خيوط لا مرئية ـ فلم يكن أي نوع من الفكر أو الخيال يبدو غير طبيعي في نظري . كنت قادرًا بسهولة على أن أفك رموز الرسوم القديمة ، وأن أسبر أسرار كتب الفلسفة العويصة ، وأن أقفو آثار مختلف الحماقات الأزلية . ولأنني كنت في هذه اللحظة أشارك في دوران الأرض والأفلاك وفي نمو النباتات وتكاثرها وفي حركة الحيوانات ـ فقد أصبح الماضي والمستقبل القريب والبعيد شريكًا وتوأمًا لحياتي الحسية ." ([11])
أما نيتشه فيقول : " ليس في غير الإبداع ما ينقذ من الأوجاع ويخفف أثقال الحياة ، غير أن ولادة المبدع تستدعي تحولات كثيرة وتستلزم كثيرًا من الآلام . أيها المبدعون ستكون حياتكم مليئة بمرير الميتات لتصبحوا مدافعين عن جميع ما يزول . على المبدع إذا شاء أن يكون هو بنفسه طفل الولادة الجديدة أن يتذرع بعزم المرأة التي تلد ، فيحتمل أوجاع مخاضها . لقد اخترقت لي طريقًا في مئات النفوس والأسرّة وأوجاع المخاض ، غير أنني كثيرًا ما نكصت على أعقابي ، لأنني أعرف ما تقطّع الساعات الأخيرة من نياط القلوب ... إن جميع ما في من شعور يتألم مقيدًا سجينًا ، وليس غير إرادتي من بشير يؤذن بالمسرة ، ويأتي بالإفراج عن الشعور ."([12])
ولعل في إشارة نيتشه إلى اختراقه وانتقاله عبر مئات النفوس ما يربطه مباشرة ببطل البومة العمياء , هذا الكائن المنبث في ثنايا الوجود والزمان والمكان والأشياء . وثمة علاقة أيضًا بين ما يثيره نيتشه في نصه السابق حول علاقة الإبداع بالموت والدفاع عما يزول وبين ما جاء في نص هدايت السابق عن هذه المرأة التي تموت وحديثه عن انبثاثه في الأشياء . ولعل فيه ما يفسر انتقال بطل هدايت مباشرة ليحدثنا عن محاولة الإبداع والفن التحايل على المآزق الروحية والوجودية ، يقول هدايت : "في مثل هذه المواقف يلجأ المرء إلى عادة قوية اعتادها في حياته ... الكاتب يلجأ للكتابة ، والنحات للنحت . كل منهم يشفي غليله ، ويفرغ عقده عن طريق الهروب عبر الواقع القوي في حياته . وفي هذه الظروف يستطيع الفنان الحقيقي أن يبدع . ولكن ماذا بوسعي أنا العاجز عديم الذوق الرسام على جلد حافظات الأقلام ؟ ... ولكني كنت أحس في كامل وجودي ذوقًا مفعمًا وحماسًا مفرطًا كان نوعًا خاصًا من الشعور والانفعال كنت أريد أن أرسم هاتين العينين اللتين أغمضتا إلى الأبد على الورق ... أردت أن أرسم هذا الشكل على مهل , هذا الشكل الذي كان محكومًا بالتحلل والعدم ... هذا الشكل الذي كان يبدو ساكنًا وعلى وضع واحد , أردت أن أسجل خطوطه الأصلية على الورق ... كان لهذا الموضوع تناسب خاص مع أسلوبي الميت في الرسم _ رسم الأموت ـ لقد كنت أساسًا رسام الأموات ."([13])
وفي إشارات بطل هدايت عن إبداعه بالرسم المربوط بالموت وحديثه عن الشكل المحكوم بالتحلل والعدم دلائل واضحة لأثر فكرة نيتشه الواردة في نصه السابق عن جهد المبدع الموّجه بالموت دفاعًا عما يزول .
إن انبثات البطل في مظاهر الطبيعة وفي الكائنات والأشياء ودخوله في دورة الزمن الممتزج ماضيه بحاضره بمستقبله وموته ثم عودته مرة أخرى _ تستثير في الذهن فكرة العودة عند نيتشه . خاصة أن بطل الرواية في أفكاره ورؤاه واستبطانه لنوازعه يردد كثيرًا احتقاره لمن يسميهم العامة والرعاع والسوقة ، ويبدو وكأنه يطل من عل وقد قطع مع العادات والمعتقدات وقضايا الإيمان . يقول البطل وهو يعاني آلام مرضه وعزلته ومحاولته التغلب على ذلك بالحكاية والكتابة :" أأنا موجود مستقل ومحدّد ؟ لا أدري ولكني الآن إذا نظرت في المرآة لم أعرف نفسي . كلا إن ذلك الـ" أنا " قد مات من قبل وتحلل . ولكن لا وجود للسدود والقيود بيننا ." ([14])
وكان تفكير البطل يدفعه للتفكير بالعود مجددًا ، لكن فكر اندماجه وتحلل ذراته في ذرات من يسميهم الرعاع كانت تؤرقه , يقول :
" كنت قد فكرت مرارًا بالموت وتحلل ذرات جسدي بحيث لم يكن هذا التفكير يخيفني ، وعلى العكس كنت أتمنى من كل قلبي أن أنعدم وأفنى ، ولكن الأمر الوحيد الذي كنت أخشاه هو أن تنضم ذرات جسدي إلى ذرات أجساد الرعاع . كانت هذه الفكرة فوق ما أحتمل ... والشيء الوحيد الذي كان يستهويني هو الأمل في الفناء بعد الموت ـ كانت فكرة العيش مرة أخرى تخيفني وتصيبني بالفتور . "([15])
هذا الرعب من أن يعيش ثانية في أجساد الرعاع في هذا العالم المليء بمن يسميهم " عديمي الحياء ، الوقحين المطبوعين على التسول والاستجداء ، فاقدي الخواص ، عديمي الأصل ، الأشخاص الذي خلقوا متناسبين مع عالم الأقوياء في الأرض ليستجدونه ويتملقونهم "([16]) هؤلاء هم نسخة من رعاع نيتشه وغوغائه الذين كان يعتزلهم , ثم يخرج إليهم ثانية بحكمته .
وهذا الارتباك إزاء مسألة العودة التي كانت ستسبب للبطل الغثيان والألم تشبه مرحلة ارتباك زرادشت أثناء مرضه حيث التبس عليه فهم العودة الدائمة ([17]). يقول بطل ( البومة العمياء ): " كلا لست في حاجة إلى رؤية كل هذه العوالم التي تبعث على الغثيان وكل هذه السحن المشؤومة فهل كان الله محدث نعمة إلى ذلك الحد فيعرض عليّ عوالمه متباهيًا مفاخرًا ؟ ولكني لست قادرًا على المدح الكاذب ... مهما بالغت في الانطواء على نفسي ... فإني كنت أسمع أصوات الآخرين بأذني وأسمع صوتي في حنجرتي ... ولكني لم أكن إزاء هذه الحنجرة شيئًا أكثر من نوع الإثبات المطلق والمجنون ." ([18])
وزرادشت نفسه حيث انتقل إلى دور النقاهة أخذ على عاتقه أن يقبل بالعودة الدائمة وأن يفهمها فلم تكن العودة الدائمة مجرد دائرة ، وهي ليست عودة الشيء نفسه ولا عودة الشيء إلى نفسه " إنها ليست بداهة طبيعة سطحية لاستخدام الحيوانات ، ولا هي عقوبة أخلاقية حزينة لاستخدام الناس . إن زرادشت يفهم التماثل عودة دائمة = وجود انتقائي ... كيف النافي يمكن أن يعود ، إذا كانت العودة الدائمة هي الوجود الذي يقال فقط عن الإثبات عن الصيرورة في حال الفعل ... العودة الدائمة هي التكرار ، لكنها التكرار الذي ينتقي التكرار الذي ينقذ ."([19])
هـ . الإنسان المتفوق / الإنسان المشوّه :
إن البطل في البومة العمياء هذا العائد من حياة إثر حياة ، المتألم الآنف من عيش حيوات أخر في ذرات رعاع وضيعين يحمل ارتباكه وقلقه إزاء العودة ؛ ففي الأنفة شيء ما يشرئب إلى الانتقاء ، ولذلك يصف نفسه أنه كان نوعًا من الإثبات المطلق والجنون المستمر في انحداره إلى الموت بحثًا عن ذات أسمى وأرقى . والإنسان عند نيتشه هو في جوهره كائن ارتكاسي , يجمع قواه مع العدمية وترفضه العودة الدائمة وتنبذه . إنه تحويل جذري في الجوهر يَنْتجُ في الإنسان لكنه يُنْتجَ الإنسان الأسمى ، بوصفه نتاج تمزق للجوهر الإنساني وتحول فيه ([20]). وها هو البطل في ( البومة العمياء ) وهو يجأر تحت وطأة الألم , ويحس بتحولاته يتماهى مرة مع صورة عجوز الخردوات الذي رآه البطل مثل نصف إله([21]) بعذاباته وآلامه ، ويبدو مرة أخرى كائنًا متفوقًا فوق البشر والآلهة يقول :
" صرت مثل المجانين وآلامي غدت توفر لي اللذة ـ لذة فوق آدمية ، لذة لم يكن بوسع سواي أن ينالها ، وليست الآلهة إن وُجدت بقادرة على استشعار لذة بهذا القدر ... عندئذ اكتشفت تفوقي ، أحسست بتفوقي على الرعاع والطبيعة والآلهة ... الأرباب الذين ولدتهم شهوات البشر ـ أصبحت إلاهًا وكنت أكبر من الرب كذلك إذ كنت أحس ذاتي تيارًا خالدًا لا متناهيًا . "([22])
لكن لذة البطل ـ بإحساسه بأنه فوق الكائنات بأنه صار إلاهًا لا تمتد الفترة الطويلة ، لأنه في خضم تحولات ذاته يقرر أن يتخلص من آلامه بالانتقام وقتل امرأته التي يحبها . يقول وهو مقبل على جريمة القتل :" أدرك في النهاية أنني صرت نصف إله . كنت فوق كل احتياجات الناس الحقيرة التافهة , وأحس في نفسي بتيار الأبدية والخلود ." ([23])
ويقول بعد أن ينفذ جريمته : " مضيت ووقفت أمام المرآة ، ولكنني من شدة الخوف حجبت وجهي بيدي ، رأيت أنني صرت شبيه كلا بل صرت العجوز صاحب الخردوات ذاته ... وقد حلّت في جسدي روح جديدة ."([24]) هذا العجوز نفسه هو الذي كان قد وصفه بأنه لم يكن بشرًا عاديًا فاسدًا ، بل كان بكل الآلام وطبقات من الشقاء التي رانت على وجهه كان يظهر " مثل نصف إله وبتلك السفرة القذرة التي كانت أمامه كان ممثلاً للخلق ومظهرًا له ." ([25])
يؤول البطل إذًا إلى ممثل للخلق ومظهر له ، لكنه كان يعرف ، وهو مقدم على الجريمة ، أنه متعثر في مراحل تحوله نحو الأسمى . يعرف أنه باق على مشارف الارتكاس وتشوه البصيرة ، حتى إنه ، وهو مقبل على الجريمة ، كان قد رأى ظله قد تحول إلى ظل بومة .
والبومة هي رمز الحكمة والاستبصار في أحلك الظروف مثلما هي نذير شؤم ([26])، بومة منيرفا التي لا تحلق إلا عند الغسق ." ([27]) والتي تتألق عندما تشتد الأزمات التي تستوجب التأمل والتفلسف حول الماضي والحاضر والمستقبل ([28])ـ هذه البومة تتلبس شخص البطل الغارق في عزلته ، الماضي في أفكار وتأملات عميقة وسوداوية حول الحياة والموت والعقائد والقيم . تتلبس البومة هذه الشخصية حتى إنه ليرى ظله على الجدار ظل بومة ([29]). لكنه يشوه هذا الرمز ، رمز الطائر الذي يبصر في الظلام رمز البصيرة والاستبصار فيحوله إلى رمز يضاعف التخبط والظلام . ولذلك وبعد أن آلت أحواله وتحولاته إلى القتل والجريمة نستطيع أن نفهم لماذا جعل صادق هدايت البومة عمياء ، ولماذا اختار هذا العنوان لروايته ، إنه بذلك يعود إلى التخبط والظلمات التي كانت منذ البداية المدخل الذي بدأ به الحديث عن حال البطل وحياته . والعودة باستدارة واضحة إلى نقطة البدء ونقطة الظلام تحمل دلالاتها لا على مستوى الزمن السردي والزمن النفسي فحسب ، ولكن أيضًا على مستوى زاوية وجهة النظر أو المنظور الفكري والأيديولوجي للشخصية الساردة ([30])، ولا شك أن ظلال نيتشه بادية بوضوح في هذا المنظور .
و. التحولات الثلاثة :
يبدأ كتاب ( هكذا تكلم زرادشت ) بقول نيتشه "سأشرح لكم تحول العقل في مراحله الثلاثة فأنبئكم كيف استحال العقل جملاً ، وكيف استحال الجمل أسدًا ، وكيف استحال الأسد أخيرًا فصار ولدًا ." ([31])
ويعلق دولوز في كتابه عن نيتشه شارحًا هذه التحولات : " كيف يصبح الروح جملاً وكيف يصير الجمل أسدًا ، وأخيرًا كيف يصير الأسد طفلاً . الجمل هو الحيوان الذي يحمل عبء القيم السائدة ، أثقال التربية والأخلاق والثقافة يحملها في الصحراء ، ويتحول هناك إلى أسد : يحطم الأسد التماثيل ، يدوس الأثقال ، يتولى نقد كل القيم السائدة . أخيرًا يمتلك الأسد أن يصبح طفلاً ، أي لعبًا وبداية جديدة ، خالصًا لقيم جديدة ومبادئ تقويم جديدة . يرى نيتشه أن هذه التحولات الثلاثة تعني ، بين ما تعني ، لحظات من نتاجه ومراحل أيضًا من حياته وصحته . لا ريب أن الانقطاعات نسبية تمامًا . الأسد حاضر في الجمل ، والطفل موجود في الأسد ، وفي الطفل النهاية المأساوية."([32])
ويمكن لقارئ رواية البومة العمياء أن يلحظ ارتهان البطل لآلامه. ويلحظ القارئ أن الرواية تبدأ بالتركيز على مرحلة حاسمة مأساوية نكتشف من خلالها أن الذروة التي يقص فيها البطل آلامه ويفضي بأفكاره وهواجسه كانت قد وصلت أقصاها .
يكشف لنا البطل وهو في عمق ألمه ومرضه وعزلته والظلمات المحيطة به عن ذلك ؛ يقول أثناء قصه لواحدة من تحولاته وانتقالاته عبر إحدى الحيوانات :
" أأنا موجود مستقل ومحدّد ؟ لا أدري ولكني الآن إذا نظرت في المرآة لم أعرف نفسي ,كلا إن ذلك ال " أنا " قد مات من قبل وتحلل , ولكن لا وجود للسدود والقيود بيننا."([33])
في المرآة تواجه الذات نفسها وليس شكلها المادي المحسوس . وهذا الاكتشاف للذات المشوهة عند هـدايت ، الذي مُثّل بالصورة الشكلية البشعة المفزعة ، يشبه موقفًا مفصليًا عند نيتشه ، فزرادشت نفسه يصرخ إذ ينظر في المرآة ويدرك كم التشوه الذي لحق به ، ويدرك التهديد . ويلحظ القارئ ، أن حامل المرآة طفل يظهر في حلم ، ويطلب من زرادشت أن ينظر فيها ، فيرى وجهه وقد تحول إلى وجه شيطان تقطبت أساريره ([34]).
الوجه القبيح هذا يتردد ذكره عند بطل هدايت ، وتنكشف للبطل ذاته عدة مرات وقد تحول إليه ممثلاً في صورة العجوز القبيح ، حتى إنه يتوقع أن يكون طفله المنتظر شبيهًا بالعجوز . ([35]) لا لمجرد مفارقة الخيانة الزوجية التي تدور حولها آلام البطل ، ولكن أيضًا لمفارقة تتعلق بمرحلة الطفولة /الرمز الذي يناوشه ويبدو مستحيلاً .
والبطل يقص في ألم واضح هذه البشاعات يقول :" وقفت قدام المرآة ... دهنت وجهي بالسخام يا لها من سحنة مخيفة ... كان لوجهي إمكانيات كبيرة لتمثيل سحن مضحكة ومخيفة . كنت كأني بهذه الوسيلة أرى بجلاء كل التكوينات المضحكة المخيفة وغير المعقولة الكامنة في كياني . كنت أعرف هذه الحالات في نفسي وأحسها ... كل هذه السحن كانت فيّ ولي ... وكل هذه السحن كانت فيّ ولكن لم تكن أي منها لي . ألم تكن عجينتي وحالة وجهي قد تكونتا على أثر دافع مجهول ... وأنا الذي كنت حارس هذا العبء الموروث ألم يكن فكري منتبهًا إلى أنه يحفظ هذه الحالات في قسمات وجهي دون إرادة وبواسطة حس مضحك مشوب بالجنون ؟ ربما عند الموت وحسب تنعتق قسمات وجهي من قيد هذا الوهم ، وتكتسي بالحالة الطبيعية التي كان ينبغي أن تكتسي بها ."([36])
لكن هذا التحرر مربوط بالموت الذي كان هاجس البطل . ولذا سنرى تلك ( الروح ) وهي تتحول إلى ( الأسد ) ، مع سلسلة من الإقصاءات يظهر فيها البطل وهو يحاول أن يتخفف من أثقاله بإسقاط القيم والمعتقدات حول الموت والقطع مع ما يسميه هشاشة الدين والإيمان . يقول أثناء قصه لتجربة حياته الأخرى في مدينة ري القديمة وما عاناه من آلام ، معلقًا على محاولات مربيته إيجاد وسائل لشفائه استنادًا على المعتقدات من الحظ والسحر والتنجيم والأدعية ، يقول تحت وطأة الألم والتفكير بالموت :"لم أكن أريد أن أعرف أن كان يوجد إله حقًا أم أنه تجلّ للحكام على الأرض تخيلوه لتثبيت ألوهيتهم وإحكام سيطرتهم على رعاياهم ، وأنهم أسقطوا تصوراتهم الأرضية على السماء . كل ما كنت أود معرفته هو هل يطلع عليّ النهار وأنا حي أم لا . كنت أحس مدى هشاشة وطفولية الدين والإيمان والاعتقاد إزاء الموت ، وأنها إلى حد ما نوع من التسلية للأصحاء والمحظوظين . "([37])
لكن هذه الروح التي تتحول إلى ( الأسد ) الذي يحاول أن يتصاعد فوق الكائنات ، ويتجاوز حتى الإله ، كما سبق أن وضحت في فقرة سابقة ([38]) ـ يرتكس إلى صورة تتماهى مع بائع الخردوات العجوز الذي يمثّل في وعي البطل صورة نصف إله ، ولكن أيضًا هذا الأسد ، هذا النصف أثناء قصه لعذاباته وتحولاته كان في أنقى اللحظات وأشفها حينما يعود إلى صورة الطفولة المبتغاة يخلط الأسد بالطفل بالإله وبالأبدية .
وقد مر في أثناء فقرات هذه الدراسة الإشارة إلى هذه الأبدية التي كان ينظر إليها البطل كخلاص وخلود أيضًا ([39]) . هذه المراحل كلها تتجاور في تنقلات البطل وحيواته المختلفة وتهويماته وارتكاساته ، وهي بذلك تبدو شبيهة بتحولات نيتشه من حيث إنها نسيبة ، ومن حيث كونها تمثل لحظات من نتاجه ومراحل من حياته وصحته ؛ حيث الأسد حاضر في الجمل والطفل حاضر في الأسد ، ومع الطفل ثمة لعب وثمة نهاية مأساوية ([40]). والقارئ بإمكانه أن يلحظ كيف سعى البطل في البومة العمياء للخلاص ، وركض للأبدية أو هكذا خيل إليه ، واندفع في اللعب , ووصل إلى النهاية المأساوية ، ولعلّ في انتحار مؤلف الراوية قبل صدور الرواية نفسها ما يشير إلى نوع من الخلاص ، نوع من التمرد وممارسة الموت على الطريقة المشتهاة كنوع من اللعب والحرية ، ([41]) حيث اللعب مبدأ وجودي ، مرتبط بالطفولة وبالألوهة أيضًا حسب الفكر النيتشوي . يقول نيتشه :
" ولكن ما هو العمل الذي يقدر عليه الطفل بعد إن عجز الأسد عنه ؟ ولماذا يجب أن يتحول الأسد إلى الطفل ؟ ذلك لأن الطفل طهر ونسيان ، لأنه تجديد ولعب وعجلة تدور على ذاتها ؛ فهو حركة البداية وعقيدة مقدسة . أجل أيها لأخوة إن العمل الإلهي للإبداع يستلزم عقيدة مقدسة."([42])
وإذا كان نيتشه في الأساس قد وضع تلك التحولات كمراحل لتحول العقل ، فإن تمثلات هدايت لها روائيًا حولتها إلى تمرحلات رافقت عقل البطل وحياته ، مثّلت بتداخلها وتجاورها أيضًا مقولة نيتشه حول كون تلك التحولات نسبية ومتداخلة ، ومتجاورة وتمثل مراحل من حياته وصحته ومرضه ونتاجه العقلي ، فصارت الرواية كذلك ، وخاصة بعد انتحار مؤلفها ، مؤشرًا من مؤشرات حركات العقل والإبداع والتحولات الشاهدة على حياته و حياة بطله بعد وفاته .
وبعد ، فقد حرصت هذه الدراسة على أن تكشف نقاط التشابه والتقاطعات والتماثلات وبعض أوجه التحويرات والاختلافات بن المتن المرجعي ( هكذا تكلم زرادشت ) وبين رواية ( البومة العمياء ) واتضح من بعد هذا أيضًا كيف تلوح وحدة الهم والقلق الإنساني والخبرة الشعورية والعقلية على اختلاف قنوات تشكلها في الفلسفة والأدب ، وعلى اختلاف الجنسيات واللغات .
المصادر والمراجع
جادامر ، هانز
تجلي الجميل . ترجمة سعيد توفيق ( القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومي للترجمة 1997م )
جينت ، جيرار
عودة إلى خطاب الحكاية . ترجمة محمد معتصم ( بيروت ، المركز الثقافي العربي ، ط. الأولى 2000م)
دولوز ، جيل
نيتشه . ترجمة أسامة الحاج ( بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ط. الأولى 1998م )
زيتوني ، لطيف
معجم مصطلحات نقد الرواية ( بيروت ، دار النهار ومكتبة لبنان ط. الأولى 2002م )
شابيرو ، ماكس وهندريكس ، رودا
معجم الأساطير . ترجمة حنا عبود ( دمشق ، دار علاء الدين سنة 1999م )
علوش ، سعيد
مدارس الأدب المقارن ( بيروت ، المركز الثقافي العربي . ط.الأولى 1987م )
غويار ، ماريوس فرنسوا
الأدب المقارن . ترجمة هنري زغيب ( بيروت ، منشورات عويدات ط. الأولى 1978م )
قاسم , سيزا
بناء الرواية : دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ ( بيروت ، دار التنوير للطباعة والنشر ، ط. الأولى 1985م )
كورتل ، آرثر
قاموس أساطير العالم . ترجمة سهى الطريحي ( بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط. الأولى 1993م )
نيتشه ، فريدريك
هكذا تكلم زرادشت . ترجمة فليكس فارس ( بيروت ، المكتبة الأهلية [1938م] )
هدايت ، صادق
البومة العمياء ، ترجمة عمر عدس ( ألمانيا ، منشورات الجمل ط. الأولى 1999م )
الموسوعات :
الموسوعة العربية الميسرة ( القاهرة ، دار الشعب ط. الثانية 1972م )
الموسوعة العربية العالمية ( الرياض ، مؤسسة أعمال الموسوعة ، ط. الثانية 1419هـ/1999م)
المقالات :
حسان ، عبد الحكيم مقالة " الأدب المقارن بين المفهومين الفرنسي والأمريكي " ( مجلة فصول مجلد 3 عدد3 سنة 1983م )
الغانمي ، سعيد ، مقالة "رواية التبر رأس مال الصحراء الرمزي " ( مجلة نزوى العدد 13 )
[1]- هذه الدراسة تستضيء بالمعطيات المتجددة المرنة حول مداخل الدراسة المقارنة ، وخاصة مدخل النقد التطبيقي المقارن ، حيث تبدي الدراسات الحديثة في الأدب المقارن ميلاً واضحًا لتجاوز دراسة التأثير والتأثر عبر مسألة التاريخ وإثبات القرائن للقول بالتأثر .
ينظر مثلاً ماريوس فرانسوا غويار ، الأدب المقارن . ترجمة هنري زغيب ( بيروت ، منشورات عويدات ، ط. الأولى 1978م ) ص 7-9 وينظركذلك سعيد علوش ، مدارس الأدب المقارن ( بيروت ، المركز الثقافي العربي . ط. الأولى 1978م ) ص 14-15 ، وينظركذلك عبد الحكيم حسان ، مقالة بعنوان " الأدب المقارن بين المفهومين الفرنسي والأمريكي " ( مجلة فصول مجلد 3 عدد 3 سنة 1983م ) ص 11-17 .
وينظر تعريف كاريه للأدب المقارن حيث يقول : "إن الأدب المقارن وصف تحليلي ومقارنة منهجية تفاضلية وتفسير تركيبي للظواهر الأدبية المختلفة اللغات أو الثقافات ... من خلال التاريخ أو النقد أو الفلسفة وذلك لفهم الأدب فهمًا أعمق كوظيفة ذات نوعية خاصة للعقل البشري . " ينظر سيزا قاسم : بناء الرواية دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ ( بيروت ، دار التنوير للطباعة والنشر ، ط. الأولى ، 1985م ) ص 8 .
[2] - صادق هدايت ، البومة العمياء ، ترجمة عمر عدس ( ألمانيا ، منشورات الجمل ، الطبعة الأولى 1999م ) ص 5-6 .
- [3] نيتشه ، هكذا تكلم زرادشت ، ترجمة فليكس فارس ( بيروت ، المكتبة الأهلية [1938م] ) ص 28 .
[4] - البومة العمياء ، ص 7-8 .
[5] - هكذا تكلم زرادشت ، ص 262- 263 .
[6]- البومة العمياء ، ص 19 .
- [7] البومة العمياء ، ص 105 .
- [8] البومة العمياء ، ص 95 .
-[9] هكذا تكلم زرادشت ، ص 38 .
[10] - البومة العمياء ، ص 13 .
- [11] البومة العمياء ، ص 22 – 23 .
[12] - هكذا تكلم زرادشت ، ص 113-182 .
[13] - البومة العمياء ، ص 23-24 .
- [14] البومة العمياء ، ص 43 .
[15] - البومة العمياء ، ص 85 .
[16] - البومة العمياء ، ص 86 .
[17] - جيل دولوز ، نيتشه ، ترجمة أسامة الحاج ( بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ط الأولى 1998م ) ص 44 .
[18] - البومة العمياء ، ص 86 – 87 .
[19] - جيل دولوز ، نيتشه ، ص 44 .
[20] - جيل دولوز ، ص 45 .
[21] - البومة العمياء ، ص 94 ، وينظر كذلك ص 105 .
[22] - البومة العمياء ، ص 96-97 .
[23] - البومة العمياء ص 105 .
[24] - البومة العمياء ص 109 .
[25] - البومة العمياء ، ص 94 .
[26] - البومة مثلما هي رمز للشؤم عند بعض الشعوب هي رمز للحكمة والاستبصار . ينظر مثلاً آرثر كورتل ، قاموس أساطير العالم ، ترجمة سهى الطريحي ( بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط. الأولى 1993م ) ص 140 عن أثينا آلهة الحكمة عند اليونان . وص 171 عن منيرفا الآلهة= = المقابلة لها عند الرومان . وينظر كذلك ماكس شابيرو ورودا هندريكس ، معجم الأساطير ، ترجمة حنا عبود ( دمشق ،دار علاء الدين سنة 1999م ) ص 169 ، وينظر كذلك الموسوعة العربية الميسرة ( القاهرة ،دار الشعب ط. الثانية 1972م ) مادة بوم ، والموسوعة العربية العالمية ( الرياض ، مؤسسة أعمال الموسوعة ، ط. الثانية 1419هـ/1999م ) مادة البومة .
[27] - هانز جادامر ، تجلي الجميل ، ترجمة د.سعيد توفيق ( القاهرة ، المجلس الأعلى للثقافة المشروع القومي للترجمة 1997م ) ص 205 . والعبارة قالها هيجل عندما رأى قدمي نابليون تطأ أرض ألمانيا .
[28] - هانز جادامر ، تجلي الجميل ص 205 ، حاشية رقم 1 .
[29] - البومة العمياء ، 105 .
[30] - يعد بيرسي لوبوك أول من حدد مصطلح ( وجهة نظر ) في الفن الروائي في كتابه صنعة الرواية . وهي عنده ترتبط بوضع الراوي الذي يقص الأحداث كما يريد هو بينما يجلس القارئ في مواجهة الراوي ليستمع . ويرى الناقد الروسي بورسي أوسبنسكي أن وجهة النظر تتعلق بالنظرة " التي يتبناها المؤلف حين يقيم ويدرك أديولوجيا العالم الذي يصفه ... ويختار أوسبنسكي أن يقسم وجهة النظر إلى مستويات أربعة هي : وجهة النظر على المستوى الإيديولوجي ، ووجهة النظر على المستوى التعبيري ووجهة النظر على المستوى الزماني ـ المكاني ، ووجهة النظر على المستوى النفسي ـ بينما يرى ناقد آخر جامعًا بينما تصور أوسبنسكي وجيرار جينت أن وجهة النظر تتعلق بالتبئير ، أي علاقة الكلام بالفكر وتمثيله لدى الراوي ." سعيد الغانمي، مقالة ( رواية التبر رأس مال الصحراء الرمزي ) مجلة نزوى العدد الثالث عشر .
ويدرس جيرار جينت هذه المسألة تحت مصطلح المنظور من زاوية التفريق بين الرؤية والصوت ، ينظر كتابه عودة إلى خطاب الحكاية ، ترجمة محمد معتصم ( بيروت ، المركز الثقافي العربي ، ط. الأولى 2000م ) الفصل الحادي عشر من ص 83 إلى 93 . ويرى غريماس أن مصطلح المنظور يقوم على العلاقة بين الراوي والمروي له خلافًا لمصطلح وجهة النظر الذي يفترض وجود ناظر . ينظر في ذلك لطيف زيتوني ، معجم مصطلحات نقد الرواية (بيروت ، دار النهار ومكتبة لبنان ، ط. الأولى 2002م ) مادة منظور .
[31] - نيتشه، هكذا تكلم زرادشت ، ص 45 .
[32] - جيل دولوز ، نيتشه ، ص 5 .
[33] - البومة العمياء ، ص 43 .
[34] - هكذا تكلم زرادشت ، ص 108 .
[35] - البومة العمياء ، ص 103 .
[36] - البومة العمياء ، 97 ـ98 .
[37] - البومة العمياء ، ص 77 .
[38] - ينظر ص 8-9 من هذا البحث .
[39] - ينظر ص 4-5 من هذا البحث .
[40] - ينظر دولوز، نيتشه ، ص 5 .
[41] - ألم يقل البطل منذ قليل (ينظر الصفحة السابقة) إن الموت سيحرره فتنعتق قسمات وجهه من قيد هذا الوهم الذي رآه عبئًا ، ورأى نفسه مكلفًا وعليه التحرر من الوهم والمهمة .
[42] - نيتشه ، هكذا تكلم زرادشت ، ص 47 .