الصفحة الرئيسية
 /  
لؤلؤة العش
 /  
رجوع

لؤلؤة العش


ستهبط تلك الجميلة الجافلة، ستهبط تلك الحمامة البيضاء الفاتنة، تلك التي لا يلامس جناحاها الأرض إلا عند الشفق، ستهبط من أجلك يا حبيبي مثلما لم تفعل من قبل لبشر، ستهبط من أجلك الآن يا حببي وعند قدميك الطريتين، عند قدمين لم تعرفا نعمة الخطو ستذوب نفسها رغوة من حرير ونور، وستطلق قطيع غزالاتها البيض، تنثرها يبحثن عن لؤلؤتك الصغيرة الساقطة من تاجك العاجي الخفي المخبأ في جهر النور بين البسمة والبسمة الآسرة.

ستنزل لك وحدك يا حبيبي، ستترك كل الصغار يركضون ويتعثرون ويمدون إليها الأيادي والخيال، ينثرون لآليهم، ويحلمون بسن الغزال وإليك وحدك ستركض يا حبيبي فهي تعرف أوجاع الست التي أمضت، تعرف السر، تعرف كل شيء يا حبيبي، وتعرف أنها من هذي اللآلي تستمد نورها البهي الأثير، وتعرف أنها حينما ترف ثانية وبلؤلؤتك تطير، تطوف الكون أو تتكئ على سدرة السماء ستبدو أجمل وأنصع وأكمل بلؤلؤة تاجك، وسيعرف الناس أنها ما ضوأت أبدا مثل هذا اليوم الذي توضأت فيه بياسمينة بهائك فمد عينيك إليها يا حبيبي، ورف بقلب كله طهر وغمام وعانقها من مكانك، فما تلك القشات الضوئية الباهرة المتراصة في قلب السماء إلا أذرعة حب متضامة تسور عشها المستدير وما لؤلؤتك الصغيرة التي حطت أمس تلتقطها إلا بيضتها الفريدة، التي ستفقس شموسا صغيرة وغزالات كثيرة جميلة تمنح الأطفال تيجانهم وأحلامهم البعيدة السعيدة.

* * * * *

 

إلى الحبيب البهي الجميل، إلى ابن أختي عبدالرحمن بمناسبة سقوط سن السادسة، تلك السن التي بحثت عنها أمه ذات صباح في فمه ولم تجدها، إلى العصفور الصغير الذي لا يمكن أن يخف إليها ويرف- كبقية العصافير- ليهدي لؤلؤته الأولى للشمس؛ فتركت هي عشها ورفت وخفت هي إليه.