الصفحة الرئيسية
 /  
المكان والجسد والقصيدة
 /  
رجوع

المكان والجسد والقصيدة


فاز كتاب ( المكان والجسد والقصيدة : المواجهة وتجليات الذات) بجائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل للإبداع الثقافي فرع النقد والدراسات الأدبية في دورتها الثانية 1427هـ / 2006م ، مناصفة , وهي جائزة على المستوى العربي .


المقدمة اهتممت منذ مدة طويلة بعلاقة اللغة بالجسد والتجسد وبالعري واللباس ،وبعلاقة اللغة والمعرفة باللباس وبالشعارات . وكان الموضوع يبدو لي شديد الحساسية كلما تعلق الأمر بالمرأة : بموقعها في جسد العالم وبإبداعها،بهذا المفصل من طوباوية اللغة وماديتها أيضًا، ولاسيما أن النظرة إلى اللغة الشعرية ربطت بالكيان الأنثوي ، ونظر إليها (الشعرية ) بوصفها كائنًا أنثويًا . وقد نشرت في ذلك سلسلة من المقالات في جريدة الجزيرة (1).وحينما طلبت مني اللجنة المنظمة للنشاط الثقافي في مهرجان الجنادرية تقديم محاضرة عن إبداع المرأة السعودية شاركت بمحاضرة بعنوان (تيمة المكان والجسد :قراءة في خطاب العنف والاغتراب في نماذج شعرية لشاعرات سعوديات )(2). وقد كان المدخل النظري من هذا الكتاب والفصل الأول و الثاني منه نص المحاضرة التي قدمتها يوم 1/11/1417 هـ 10/3/1997 مـ وتحولت المحاضرة فيما بعدإلى مشروع كتاب حالت دونه عوائق كثيرة مختلفة، لكن فصوله كتبت تباعًابعد ذلك . وقد استندت في البحث عن تلك التيمة في النماذج الشعرية المختارة على مدخل نظري بينت فيه تعالق الثلاثي : المرأة والمكان والقصيدة ، وعالجت ذلك على ثلاثة محاور : 1- اللغة والجسد والعالم . 2- أنثوية المكان . 3- أنثوية الشعرية. وأبرزٌت التعالق انطلاقًا من الجذر اللغوي للأنثوية مرورًا بالمستوى الأنطولوجي والفلسفي الذي يعكسه الموروث تجاه أنثوية المكان ، وانطلاقًا من إشكالية الذات والجسد مع المكان و مع القصيدة ، بوصف هذه الأخيرة مكاناً لتموضع الذات في اللغة والوجود ،على اعتبار أن أبرز ملامح هذه الإشكالية كما يعكسها هذا الثالوث إنما تنطلق من مسألة الهوية والملكية، التي تبرز بأضدادها ومع ما يناوئها من عسف وعنف واستلاب واغتراب ،خاصة أن للجسد ارتباطاته الحتمية بفضاء المكان وفضاء النص . وتبدو المرأة وسط ذلك مشتبكة بعلاقات تماهٍ، فكيف إذًا يبدو هذا الاتحاد والتماهي في التجليات والكتابات الشعرية للمرأة. هذا ماتحاول فصول هذا الكتاب من خلال قراءة النماذج الشعرية للشواعر السعوديات إبرازه . والنصوص المختارة للدراسة مختارة تبعًا للضالة البحثية والتيمة المدروسة . وسيلحظ القارىء أن فصول الكتاب تتناول نصوصًا لإحدى عشرة شاعرة فقط ، على حين أن عدد الشاعرات في المملكة العربية السعودية أكبر بكثير من هذا العدد . لكن الملاحظ أن هذا النتاج يتفاوت تفاوتًا واضحًا جودة ونضجًا ، وبعضه ضعيف جدًا، ولايفسر وجوده في الببلوجرافيا والجداول ,التي سأتحدث عنها بعد قليل, إلا من باب التوثيق ، ولكن أيضًا مما لاشك فيه أن بعضًا من الشاعرات اللائي تناولت نصوصهن في الدراسة يمثلن تجارب شعرية قوية لا على المستوى المحلي فحسب بل على مستوى الوطن العربي . ولقد ألحقت بهذا الكتاب ببلوجرافيا وجداول مختلفة .ويمكن للقارىء أن يلاحظ أن عدد الشاعرات السعوديات يزيد عن الستين، وقد أصدرت بعضهن مجموعات شعرية ، وبعضهن الآخر يكتفين بالنشر في الدوريات أو المساهمة المنبرية في المناسبات الثقافية . وقد قسمت تلك الببلوجرافيا والجداول إلى : 1- ببلوجرافيا تتضمن مختصرًا عن السيرة للشاعرات المدروسة نصوصهن في هذا الكتاب . 2- الببلوجرافيا الثانية حاولت من خلالها حصر كل أسماء الشاعرات اللائي أصدرن مجموعات شعرية ، علمًا بأنه قد يلحق هذه الببلوجرافيا بعض النقص ، لعدم توافر مراكز للمعلومات يمكن أن تساعد بهذا الشأن . وهذه الببلوجرافيا كانت نواتها الببلوجرافيا التي عملتها سنة 1417هـ ضمن محاضرة قدمتها في مهرجان الجنادرية ، ثم نشرتها ضمن دراسة لي في مجلة التوباد عدد 18 سنه1419هـ ، ثم أضفت إليها الكثير من المعلومات التي جدت بعد ذلك التاريخ وحتى تاريخ إعداد الكتاب .وهنا لن أنسى أن أشكر الأستاذ خالد اليوسف الذي كان يعمل ثبتًا مماثلاً فتبادلنا عددًا من الملاحظات والمعلومات، فله مني في هذا المقام تحية شكر وتقدير . وقد حذفت من هذه الببلوجرافيا عددًا من الأسماء والمجموعات لأسباب علمية تعود لعدم توافر معلومات تسمح بإيرادها ضمن هذا الثبت . 3- ألحقت أيضًا جدولاً للدواوين والمجموعات الشعرية مرتبة حسب تواريخ صدورها.وأحسب أن هذا الكشاف سيكون مفيدًا في مرحلة تالية لمن يريد عمل بحث تحقيبي يتتبع شعر المرأة تاريخيًا .وكنت أود لو ألحقت هذا الجدول بجدول آخر ترتب فيه المجموعات حسب الطبيعة الفنية للنتاج الشعري مصنفًا حسب الشكل العروضي أو التفعيلي أو قصيدة النثر . وقد بدأت العمل بهذا الجدول ، لكنه يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد لا أتوفر عليهما حاليًا . لكنه مهم وكاشف لطبيعة حركة الشعر وتطوره لدى الشاعرات ، وأحيانًا يكون كاشفًاعند متابعة تطور نتاج الشاعرة الواحدة التي قد تطور تقنياتها الشعرية وتدخل منطقة التجريب والمغامرة . 4- أما الجدول الرابع فجدول تقريبي حاولت فيه حصر أسماء الشاعرات اللائي لم يصدرن مجموعات شعرية,ولكنهن ينشرن في الدوريات أو يساهمن منبريًا في الأمسيات والمناسبات الثقافية . وبعد ، إني آمل وأنا أقدم هذا الكتاب المخصص لشعر المرأة السعودية أن أكون قد وفقت في تقديم عمل علمي يكشف ضمن المحاور المختارة عن هذا النتاج الشعري ، ويقربه إلى القارىء بطريقة ميسرة وجذابة . علمًا بأن هذا الكتاب هو الجزء الأول من الدراسة وسألحقه بجزء آخر عنوانه ( إرغامات النص ) أدرس فيه تجليات الذات في النص والمكان من أجل الكشف عن القواعد والإرغامات الفنية وغير الفنية التي شكلت هذا الخطاب الشعري ، وأثرت في لغته وتقنياته وأنساقه . والله وحده ولي التوفيق .