تناولت في المقالة السابقة نصًا للصفدي حول الشعر اليوناني , وفيه أورد قولاً لأستاذه ابن صاعد الأندلسي . وأقول إن هذا ذلك النص يثير عددًا من المسائل العلمية المهمة التي تقتضي الفحص والتدبر , وهي تشير إلى مستوى من الفهم حول العروض اليوناني وحول مصطلحاته . خاصة أننا وجدنا حازمًا القرطاجني قبلهما بقرن من الزمن تقريبًا وفي المغرب العربي أيضًا قد كان دقيقًا في فهم معنى ( الأرجل ) , فقد جعلها حازم مقابلة للأسباب والأوتاد , وتعني عنده مقطعًا صوتيًا أو مجموعة مقاطع , وبدلاً من أن يستفيد الصفدي وابن صاعد من ذلك رأينا التوسع في فهم معنى الأرجل ليقابل التفاعيل .
لكن أكثر ما يلفت النظر في النص المشار إليه أن ابن صاعد يورد مصطلحًا جديدًا بمعية مصطلح ( الأرجل ) هو مصطلح ( الأيدي ) وهذه هي المرة الأولى التي أجد فيها وأنا أتتبع مصطلح ( الأرجل ) من يذكر ( الأيدي ) بوصفها مصطلحًا عروضيًا يونانيًا.
ومصطلح ( الأيدي ) يبدو غريبًا في غياب أي شرح له من ابن صاعد , وفي غياب أية إشارة لأحد من قبله . فهل هو مصطلح عروضي يوناني يترجمه ابن صاعد , أم أنه أراد أن يُفصّل ويحدد مصطلح ( رِجْل ) ؛ فرأى أنه لما كانت ( الرِجْل ) تقابل - حسب شرح من سبقه - العروض والضرب فابتكر لما يقابل العروض مصطلح ( الأيدي ) , وترك ما يقابل الضرب لمصطلح ( الأرجل ) . وعلى أية حال سأعود حينما أصل في سياق هذه الدراسة إلى جهود العرب المحدثين الذين تحدثوا عن هذا المصطلح إلى مناقشة هذا , فلدى عدد من الدارسين المحدثين مصطلحات مثل : أصابع وأفخاذ وكلها تستخدم في سياق الحديث عن أنواع من الأوزان اليونانية .