الصفحة الرئيسية
 /  
الشعر بين الأرجل والأقدام 9
 /  
رجوع

الشعر بين الأرجل والأقدام 9


         تحدثت في المقالة السابقة عن التباس في تصور الصفدي للشعر اليوناني , ووضحت تشابه قوله مع قول الشهرستاني إن الركن في الشعر اليوناني هو للمقدمات المخيلة , وليس الركن فيه الوزن . وقد أحلت ذلك إلى أنه ربما كان الصفدي وقبله الشهرستاني يقصدان القول الشعري على الإطلاق حسب ما فهمه فلاسفة العرب المتقدمين مثل الفارابي .

    ولكن الصفدي بعد تلك المقدمة عن الشعر التي قد توحي بمعرفة بالشعر اليوناني ينسب قولاً إلى ابن صاعد الأندلسي , وفيه ترد الإشارة إلى مصطلح ( الأرجل ) لدى اليونانيين , يقول فيه :" وذكر لي العالم العلامة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن صاعد الأنصاري إن الشعر اليوناني له وزن مخصوص ، ولليونان عروض لبحور الشعر، والتفاعيل عندهم تسمى الأيدي والأرجل ؛ قال : ولا يبعد أن يكون وصل إلى الخليل بن أحمد شيء من ذلك , فأعانه على إبراز العروض إلى الوجود ".

والغريب في قول الصفدي هذا أنه بعد أن نفى وجود وزن للشعر اليوناني " وليس الشعر عندهم ما يكون ذا وزن وقافية ولا ذلك ركن فيه"  يأتي بعده بقليل لينقل رأي ابن صاعد فينص على أن :

  1. شعر اليونانيين له وزن مخصوص .
  2.  ولشعرهم عروض .
  3. ولشعرهم بحور , وسنجد بعض الدارسين المحدثين من ينفي وجود بحور للشعر اليوناني .
  4. لدى اليونانيين تفاعيل , وسنجد بعض الدارسين المحدثين من ينفي وجود تفاعيل.
  5. التفاعيل تسمى الأيدي والأرجل .

   ولن أتوقف عند رأي ابن صاعد حول أخذ الخليل لعلم العروض عن اليونان , فذلك له موضع للبحث مستقل , وسيصرفني عن تتبعي لمصطلح ( الأرجل ) وكيف فهمه العرب قديمًا .

    نص ابن صاعد هذا يثير عددًا من المسائل العلمية المهمة التي تقتضي الفحص والتدبر , وهي تشير إلى مستوى من الفهم حول العروض اليوناني وحول مصطلحاته . لكن أكثر ما يلفت النظر هنا أن ابن صاعد يورد مصطلحًا جديدًا بمعية مصطلح (الأرجل) هو مصطلح ( الأيدي ) وهذه هي المرة الأولى التي أجد فيها وأنا أتتبع مصطلح  ( الأرجل )  من يذكر الأيدي بوصفها مصطلحًا عروضيًا يونانيًا . ويبدو أننا مقبلون في رحلة التتبع هذه على مستوى من الفهم مغاير , سأتوقف عنده في المقالة المقبلة بإذن الله .