الصفحة الرئيسية
 /  
نظرية المعنى عند حازم القرطاجني
 /  
رجوع

نظرية المعنى عند حازم القرطاجني


   تم ترشيح كتاب ( نظرية المعنى عند حازم القرطاجني )  لجائزة مؤسسة الفكر العربي  فرع الإبداع الأدبي في دورتها الثانية لعام  2008 م من قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود . وكذلك تم ترشيحه للجائزة نفسها من اللجنة العلمية في مركز حمد الجاسر الثقافي .


عالج حازم القرطاجني في كتابه (منهاج البلغاء وسراج الأدباء) عدداً من القضايا، ومن بينها مباحث المعنى وقضاياه. وأرى أن قضية المعنى كانت محور اهتمام حازم في كتابه; فقد بدأ الأجزاء الأولى منه بمناقشة قضايا وتفصيلات خاصة بالمعنى، ثم انطلق منها ليناقش قضايا التخييل والمحاكاة، وقضايا المباني والأسلوب والبناء الشعري عموماً. حتى إن القارئ لكتاب المنهاج لن يستطيع أن يعثر على أية مسألة ناقشها حازم دون أن يكون المعنى محورها أو منطلقها الأول. وهذا أمر بدهي، فمسألة المعنى منبثة ـبالضرورةـ في كل مشاغل النقد والتنظير. ولا يستغرب هذا من رجل كحازم النحوي، والفقيه، والفيلسوف والناقد. أوليست العلوم تلتقي على اختلاف مجالاتها وأدواتها في محاولة ضبط منطق الوجود والأشياء واكتشاف النظام؟ ولكن مع هذا الاهتمام الكبير من القرطاجني بقضية المعنى، إلاَّ أن الملاحظ أن الدراسات اتجهت لمعالجة بل لتكرار معالجة قضايا التخييل والمحاكاة أو التأصيل لمصادرها في المنهاج. ولم أعثر ـ على كثرة ما نقبت على ما يفيد بأن رسالة عملية أو كتابًا أو حتى مقالة صغيرة خصصت كدراسة مستقلة لنظرية المعنى في المنهاج (*). ولما وجدت أن مباحث المعنى تشغل كل تلك المكانة في المنهاج، في الوقت الذي لم تحظ فيه بعناية الباحثين رأيت أن يكون موضوع هذه الدراسة ( نظرية المعنى عند حازم القرطاجني )(**) فرصةً لإضاءة هذا الجانب من الكتاب من زاوية إشكاليات المعنى والمصطلح النقدي، من حيث علاقته بإنتاج المعنى ، وعلاقة كل ذلك بإشكاليات نظرية المعنى كما تظهر أو كما يمكن استجلاؤها من الكتاب . مشكلة البحث هنا هي استجلاء أسس نظرية المعنى والمصطلح النقدي عنده المتعلق بهذه الإشكالية ، من حيث كون غرض المصطلح وأساس وجوده أصلاً لإنتاج المعنى ، ومن حيث إن دراسة المنظومة المصطلحية عنده تفضي إلى صياغة نظرية المعنى لديه . وبما أن مباحث المعنى وإشكالية نظرية المعنى في المنهاج مسألة متشابكة ومتوالجة مع عدد كبير من القضايا والمسائل ، فهي بذلك تحتاج إلى تفكيك وتحليل، لإبراز أسسها التجريدية والنظرية، ولدرس قضاياها منظمة على محاور خاصة ، ولتحديد مصطلحاتها وتنضيد تلك المصطلحات بشكل يساعد على بلورة المعايير والآليات فيها. ومن هنا فالدراسة تسعى إلى تحقيق أهداف من أهمها: 1 ـ تنظيم المادة المتعلقة بنظرية المعنى وتصنيفها. 2 ـ تحليلها ودرسها لاكتشاف نظامها الفكري، ومنهجية القرطاجني في تناوله لها، ولاكتشاف أسسه التي ينطلق منها جهازه النظري ولتحديد الآليات التي اعتمد عليها في تنظيره للمعنى. 3 ـ دراسة المصطلح النقدي من حيث علاقته بصناعة المعنى وإنتاجه. وإذا تحدد هدف الدراسة الأكبر بالتوجه لتحديد نظرية المعنى عند القرطاجني، وحيث كانت مفهومات النظرية تتركز في أنها جملة التصورات المنسقة والمؤلفة تأليفاً عقلياً يهدف إلى ربط النتائج بالمقدمات، وأنها تركيب فكري يهدف إلى تفسير الظاهرة موضوع الدرس، وأنها نسق من المعرفة ونوع من الدراسة المنظمة تعتمد على الانتقال من الاستقراء إلى استنباط المبادئ الصورية( ) ـ فقد كان من الضروري أن تنهض هذه الدراسة بكل فصولها لإبراز أسس القرطاجني وكلياته وإبراز العلاقات بين عناصر مقولاته، وتنسيق المبادئ لإيضاح شكل المعرفة التي أنتجها; ولهذا قسمت الدراسة إلى مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة. اضطلعت المقدمة بمهمة التمهيد لإبراز هاجس التنظير عنده ونقطة الانطلاق في مشروعه التأليفي. واستقل الباب الأول بدراسة الأسس اللغوية والفلسفية والبلاغية والجمالية التي تعد المنطلقات الأولى لتكوينه المعرفي ولعدد من مبادئه النظرية. أما الباب الثاني المعنون بالمعنى وقضايا الشعرية( ) فيركز على التقسيم الرباعي الذي اقترحه القرطاجني لأطراف الحدث اللغوي الجمالي: القول والمقول فيه والقائل والمقول له، ويبرز كيف انشغل القرطاجني بمسائل إبداع القول الشعري، وكيف سعى إلى توصيف النسق والنظام لتشكيل القول شكلاً ومضموناً. أما الباب الثالث فخصصته للمصطلح النقدي من حيث علاقته بصناعة المعنى. وقد قسمته إلى فصلين: الأول يستقل بدراسة المصطلح القرطاجني، ويبرز النسق المفهومي والمصطلحي وشبكة مصطلحاته الكبرى. والثاني يستقل بدراسة المصطلحات الموروثة المعدلة عنده. وختمت الدراسة بخاتمة أوجزت أهم النتائج. وبعد، فالشكر مزجى خالصاً لأستاذي الدكتور عبداللَّه الغذامي لكل ما خصّ به البحث من الرعاية، ولما له على صاحبة البحث من أفضال جعلها اللَّه في ميزان حسناته.